للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعْنَى الضُّعَفَاءِ مَعْنَى الْعَجَزَةِ الْمَذْكُورِينَ بَعْدُ. وَسَقَطُهُمْ جَمْعُ سَاقِطٍ وَهُوَ النَّازِلُ الْقَدْرِ، وَهُوَ الَّذِي عُبِّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يُؤْبَهُ لَهُ، وَأَصْلُهُ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ وَهُوَ رَدِيئُهُ انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَقِيلَ مَعْنَى الضُّعَفَاءِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَهْلُ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ أَنَّهُ الْخَاضِعُ لِلَّهِ تَعَالَى الْمُذِلُّ نَفْسَهُ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ضِدَّ الْمُتَبَخْتِرِ الْمُسْتَكْبِرِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ: الضَّعِيفُ هُنَا الَّذِي يُبَرِّئُ نَفْسَهُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عِشْرِينَ مَرَّةً إلَى خَمْسِينَ، وَلَمْ يُرِدْ التَّحْدِيدَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اتِّصَافَهُ بِالتَّبْرِئَةِ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَاللَّجَأِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مَتَى تَذَكَّرَ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَهُوَ مَرْفُوعٌ انْتَهَى.

وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُقَالُ فِي الصَّحَابِيِّ لَا فِي مُطْلَقِ النَّاسِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَغَرْثُهُمْ وَرُوِيَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي النُّسَخِ:

(أَحَدُهَا) غَرَثُهُمْ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ شُيُوخِنَا وَمَعْنَاهَا أَهْلُ الْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ وَالْجُوعِ، وَالْغَرَثُ الْجُوعُ.

(وَالثَّانِي) عَجَزَتُهُمْ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَجِيمٍ وَزَايٍ وَتَاءٍ جَمْعُ عَاجِزٍ.

(وَالثَّالِثُ) غِرَّتُهُمْ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَرَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ، قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا أَيْ الْبُلْهُ الْغَافِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فَنَكٌ وَحِذْقٌ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَهُوَ نَحْوَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ «، أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ» .

قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ سَوَادُ النَّاسِ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ الَّذِينَ لَا يَفْطِنُونَ لِلشُّبَهِ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِمْ الْفِتْنَةُ أَوْ تُدْخِلُهُمْ فِي الْبِدْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَهُمْ ثَابِتُو الْإِيمَانِ صَحِيحُو الْعَقَائِدِ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

وَأَمَّا الْعَارِفُونَ وَالْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَالصَّالِحُونَ الْمُتَعَبِّدُونَ فَهُمْ قَلِيلُونَ وَهُمْ أَصْحَابُ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى انْتَهَى.

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَسَقَطُهُمْ، وَعَجَزُهُمْ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ جَمْعُ عَاجِزٍ وَمَعْنَاهُ الْعَاجِزُونَ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيَا وَالتَّمَكُّنِ فِيهَا وَالثَّرْوَةِ وَالشَّوْكَةِ كَذَا ضَبَطَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَيَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِالتَّاءِ كَكَاتِبٍ وَكَتَبَةٍ وَحَاسِبٍ وَحَسَبَةٍ وَسُقُوطُ التَّاءِ فِي مِثْلِ هَذَا الْجَمْعِ نَادِرٌ، وَإِنَّمَا يُسْقِطُونَهَا إذَا سَلَكُوا بِالْجَمْعِ مَسْلَكَ اسْمِ الْجِنْسِ كَمَا فَعَلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>