للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ» ..

ــ

[طرح التثريب]

الْمَرَضِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:

(الْأُولَى) اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْت أَنَا أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا، فَسَأَلْت ابْنَ شِهَابٍ كَيْفَ كَانَ يَنْفِثُ قَالَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ» وَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيَّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَالشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَمُسْلِمٍ وَحْدَهُ مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.

(الثَّانِيَةُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ أَنْ يَرْقِيَ الْمَرِيضُ نَفْسَهُ بِالْمُعَوِّذَاتِ لِبَرَكَتِهَا وَحُصُولِ الشِّفَاءِ بِهَا (فَإِنْ قُلْت) : كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ «لَا يَرْقُونَ وَلَا يَسْتَرِقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فَإِنَّ ظَاهِرَهُ مُنَافَاةُ ذَلِكَ لِلتَّوَكُّلِ وَالْأَكْمَلِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْمَلُ الْخَلْقِ حَالًا وَأَعْظَمُهُمْ تَوَكُّلًا، وَلَمْ يَزَلْ حَالُهُ فِي ازْدِيَادٍ إلَى أَنْ قُبِضَ وَقَدْ رَقَى نَفْسَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ؟ (قُلْت) : الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الرُّقَى الَّتِي وَرَدَ الْمَدْحُ فِي تَرْكِهَا هِيَ الَّتِي مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ وَالرُّقَى الْمَجْهُولَةُ وَاَلَّتِي بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَمَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ فَهَذِهِ مَذْمُومَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا كُفْرًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ مَكْرُوهًا.

وَأَمَّا الرُّقَى الَّتِي بِآيَاتِ الْقُرْآنِ وَبِالْأَذْكَارِ الْمَعْرُوفَةِ فَلَا نَهْيَ فِيهَا بَلْ هِيَ سُنَّةٌ.

(ثَانِيهِمَا) أَنَّ الْمَدْحَ فِي تَرْكِ الرُّقَى لِلْأَفْضَلِيَّةِ وَبَيَانِ التَّوَكُّلِ وَمَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ الرُّقَى أَوْ أَذِنَ فِيهِ فَإِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مَعَ أَنَّ تَرْكَهَا أَفْضَلُ فِي حَقِّنَا، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَحَكَاهُ عَنْ طَائِفَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ قَالَ وَقَدْ نَقَلُوا الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى بِالْآيَاتِ وَأَذْكَارِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْمَازِرِيُّ جَمِيعُ الرُّقَى جَائِزَةٌ إذَا كَانَتْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِذِكْرِهِ وَمَنْهِيٌّ عَنْهَا إذَا كَانَتْ بِاللُّغَةِ الْعَجَمِيَّةِ أَوْ بِمَا لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كُفْرٌ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>