للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّغَابِيسُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «يَحْتَرِقُونَ فِيهَا إلَّا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ»

ــ

[طرح التثريب]

جَابِرٍ.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ «أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فِيهَا إلَّا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ قَالَ «يَعْنِي فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ فَيَدْخُلُونَ نَهْرًا مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُونَ فِيهِ فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ الْقَرَاطِيسُ» .

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ فِيهِ، «ثُمَّ تَحِلُّ الشَّفَاعَةُ وَيَشْفَعُونَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً فَيُجْعَلُونَ بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ وَتَجْعَلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَرُشُّونَ عَلَيْهِمْ الْمَاءَ حَتَّى يَنْبُتُوا نَبَاتَ الْحَبِّ فِي السَّيْلِ وَيَذْهَبُ بِحُرَاقِهِ، ثُمَّ يَسِيلُ حَتَّى تُجْعَلَ لَهُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهَا مَعَهَا» .

(الثَّانِيَةُ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ يَخْلُدُونَ فِي النَّارِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ يَدْخُلُ فِيهَا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي إخْرَاجِ قَوْمٍ مِنْ النَّارِ بَعْدَ دُخُولِهِمْ فِيهَا وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مُوَحِّدًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قَطْعًا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانَ سَالِمًا مِنْ الْمَعَاصِي كَالصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ الَّذِي اتَّصَلَ جُنُونُهُ بِالْبُلُوغِ، وَالتَّائِبِ تَوْبَةً صَحِيحَةً مِنْ الشِّرْكِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَعَاصِي إذَا لَمْ يُحْدِثْ مَعْصِيَةً بَعْدَ تَوْبَتِهِ، وَالْمُوَفَّقُ الَّذِي لَمْ يُبْتَلَ بِمَعْصِيَةٍ أَصْلًا فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُونَ النَّارَ أَصْلًا لَكِنَّهُمْ يَرِدُونَهَا خَاصَّةً، وَالْوُرُودُ عَلَى الصَّحِيحِ هُوَ الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ.

وَأَمَّا مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ عَنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَهُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ بِلَا عَذَابٍ وَأَلْحَقَهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ الْقَدْرَ الَّذِي يُرِيدُهُ، ثُمَّ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ فَلَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَلَوْ عَمِلَ مِنْ الْمَعَاصِي مَا عَمِلَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ مَا عَمِلَ.

(الثَّالِثَةُ) قَدْ تَبَيَّنَ بِالطَّرِيقِ الْأُخْرَى أَنَّ إخْرَاجَ هَؤُلَاءِ بِالشَّفَاعَةِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَمَنَعَ مِنْهَا الْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ الْفَاسِدِ فِي تَخْلِيدِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فِي النَّارِ، وَالشَّفَاعَاتُ الْأُخْرَوِيَّةُ خَمْسٌ لَا يُنْكِرُ هَؤُلَاءِ مِنْهَا قِسْمَيْنِ وَهُمَا الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى لِلْإِرَاحَةِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>