. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابٍ وَقَفْت عَلَيْهِ لَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي إنْكَارِ هَذَا عَلَيْهِ وَقَالَ: إنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَخْلِطَ الشَّرِيعَةَ بِالْفَلْسَفَةِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ وَبَالَغَ فِي تَقْبِيحِ ذَلِكَ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ سَهْلٌ.
وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي تَأْخِيرِ إبْهَامِ الْيُمْنَى إلَى بَعْدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْيُسْرَى وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتِمَ الْيُمْنَى بِإِبْهَامِهَا وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ حِكْمَةٌ ظَاهِرَةٌ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْيُمْنَى أَوْلَى ثُمَّ إنَّ أَشْرَفَ أَصَابِعِ الْيَدِ الْيُمْنَى الْمُسَبِّحَةُ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشِيرُ بِهَا عِنْدَ الدُّعَاءِ وَفِي التَّشَهُّدِ فَكَانَ الِابْتِدَاءُ بِالْمُسَبِّحَةِ أَوْلَى ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَعْقُبَهَا بِمَا عَلَى جِهَةِ يَمِينِ الرَّجُلِ.
وَالْغَالِبُ أَنَّ الَّذِي يَقُصُّ تَكُونُ يَدُهُ ظَهْرُهَا إلَى فَوْقٍ فَكَانَ الَّذِي إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ الْوُسْطَى ثُمَّ مَا بَعْدَهَا إلَى الْخِنْصَرِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا حِينَئِذٍ إلَّا الْإِبْهَامُ فَيَخْتِمُ بِهِ.
وَأَمَّا الْيُسْرَى فَلَا فَضِيلَةَ فِيهَا لِلْمُسَبِّحَةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَقَدْ «رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا يَدْعُو، وَهُوَ يُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ مِنْ الْيُمْنَى وَنَظِيرِهَا مِنْ الْيُسْرَى فَقَالَ لَهُ أَحَدٌ أَحَدٌ» أَيْ أُشِرْ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ وَلَا تُشِرْ بِنَظِيرِهَا مِنْ الْيُسْرَى، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيمِ الْمُسَبِّحَةِ مِنْهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْبُدَاءَةُ بِأَحَدِ طَرَفَيْهَا وَيَقُصُّ عَلَى الْوَلَاءِ.
وَأَمَّا مَيْلُهُ إلَى تَقْدِيمِ الْخِنْصَرِ فَلِأَنَّ الْيَدَ غَالِبًا تُقَصُّ وَظُهْرُهَا إلَى فَوْقٍ، فَإِذَا بَدَأَ بِخِنْصَرِهَا أَتَى بَعْدَهَا بِمَا يَلِي جِهَةَ يَمِينِهِ وَلَوْ بَدَأَ بِالْإِبْهَامِ أَوَّلًا لَأَتَى بَعْدَهَا بِمَا يَلِي جِهَةَ شِمَالِهِ فَكَانَ الِاعْتِنَاءُ لِجِهَةِ الْيَمِينِ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَزَادَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي تَقْلِيمِ أَظْفَارِ الرِّجْلَيْنِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمَ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى، وَهُوَ يُعَكِّرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَصِّ إلَى جِهَةِ الْيَمِينِ وَرَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا يَخْتَارُ فِي قَصِّ الْأَظْفَارِ كَيْفِيَّةً أُخْرَى بِحَيْثُ يَكُونُ الْقَصُّ مُخَالِفًا لَا عَلَى الْوَلَاءِ وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِمُسَبِّحَةِ الْيَدِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْبِنْصِرِ ثُمَّ بِالْإِبْهَامِ ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِالْخِنْصَرِ ثُمَّ بِمُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ عَلَى الْمُخَالِفَةِ ثُمَّ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِالْإِبْهَامِ ثُمَّ الْإِصْبَعِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْخِنْصَرِ ثُمَّ بِالْمُجَاوِرَةِ لِلْإِبْهَامِ ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ الَّتِي تُجَاوِرُ الْإِبْهَامَ ثُمَّ الَّتِي تُجَاوِرُ الْخِنْصَرِ وَقَالَ: إنَّهُ جَرَّبَ هَذَا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الرَّمَدِ وَأَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا مَا يَرْمَدُ فَمِنْ حِينَ صَارَ يَقُصُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَرْمِدْ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَأَيْت مَنْ يَذْكُرُهُ حَدَّثَنَا مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute