للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بِزَوْجَتِهِ فِي سَفَرٍ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى فَأَكْثَرُ فَإِنَّمَا يَجُوز تَخْصِيصُ بَعْضِهِنَّ بِالْخُرُوجِ بِالْقُرْعَةِ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا» .

الْحَدِيثَ فَقَوْلُ عَائِشَةَ خَرَجْنَا هَلْ أَرَادَتْ نَفْسَهَا فَقَطْ مَعَ جُمْلَةِ النَّاسِ أَوْ أَرَادَتْ نَفْسَهَا وَبَعْضَ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْتَمَلُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ السَّفْرَةُ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهِيَ الْمُرَيْسِيعُ كَمَا قِيلَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَقَدْ خَرَجَ مَعَهُ فِيهَا بِعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي السِّيَرِ.

(الرَّابِعَةُ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْيِينُ هَذَا السَّفَرِ الَّذِي أَبْهَمَتْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غُزَاةِ الْمُرَيْسِيعِ فَإِنَّ مَشْرُوعِيَّةَ التَّيَمُّمِ كَانَتْ فِيهَا وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَإِنَّ غَزَاةَ الْمُرَيْسِيعِ كَانَتْ مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ بَيْنَ قُدَيْدٍ وَسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَهَذِهِ السَّفْرَةُ كَانَتْ مِنْ نَاحِيَةِ خَيْبَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ وَهُمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي تَعْيِينِ الْمَكَانِ الَّذِي ضَاعَ فِيهِ الْعِقْدُ كَمَا سَيَأْتِي.

وَكَانَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَلَّدَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ قَالَ فِي الطَّبَقَاتِ جَازِمًا بِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ أَيْضًا لَا عَلَى طَرِيقِ الْجَزْمِ بَلْ قَالَ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِي غُزَاةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَكَأَنَّهُ أَيْضًا عَنَى عَنْ ابْنِ سَعْدٍ.

وَلَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ كَمَا جَزَمَ ابْنُ سَعْدٍ، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزَاةٍ أُخْرَى بَعْدَ الْمُرَيْسِيعِ كَمَا رَوَيْنَاهُ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عِقْدِي مَا كَانَ قَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةٍ أُخْرَى فَسَقَطَ أَيْضًا عِقْدِي حَتَّى حَبَسَ الْتِمَاسُهُ النَّاسَ وَطَلَعَ الْفَجْرُ فَلَقِيتُ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ يَا بُنَيَّةُ فِي كُلِّ سَفْرَةٍ تَكُونِينَ عَنَاءً وَبَلَاءً وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الرُّخْصَةَ بِالتَّيَمُّمِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاَللَّهِ يَا بُنَيَّةُ إنَّكِ كَمَا عَلِمْتُ مُبَارَكَةٌ» .

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ نُزُولَ التَّيَمُّمِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمُرَيْسِيعِ وَكَانَ مِنْ ذِكْرِهِ فِيهَا وَهَلْ مِنْ عِقْدِهَا الَّذِي سَقَطَ مِنْهَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>