للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«طُهْرُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ (طَهُورُ) وَزَادَ «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ»

ــ

[طرح التثريب]

«طُهْرُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ (طَهُورُ) وَزَادَ «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» فِيهِ فَوَائِدُ:

{الْأُولَى} انْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِهِ هَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ طَهُورٍ وَزَادَ فِي آخِره أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ أُولَهُنَّ أَوْ قَالَ آخِرُهُنَّ بِالتُّرَابِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

{الثَّانِيَةُ} فِي قَوْلِهِ طُهْرُ وَطَهُورُ مَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ سُؤْرِ الْكَلْبِ وَنَجَاسَتِهِ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلنَّجَاسَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ.

{الثَّالِثَةُ} اعْتَرَضَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ قَدْ تَكُونُ لَا عَنْ حَدَثٍ وَلَا عَنْ خُبْثٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَهُورًا» قَالَ وَالتَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ نَجَاسَةٌ وَالطَّهُورُ يُطْلَقُ عَلَى إبَاحَةِ الِاسْتِعْمَالِ كَالتَّيَمُّمِ، وَهَذَا الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، فَإِنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ فَلَا يُقَالُ إنَّهَا طَهَارَةٌ لَا عَنْ حَدَثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

{الرَّابِعَةُ} اعْتَرَضَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى الْمُحْتَجِّينَ بِالْحَدِيثِ عَلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ بِبَحْثٍ آخَرَ ذَكَرَهُ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى نَجَاسَةِ الْإِنَاءِ بِسَبَبِ الْوُلُوغِ، وَذَلِكَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ نَجَاسَةِ عَيْنِ اللُّعَابِ وَعَيْنِ الْفَمِ أَوْ تَنَجُّسِهِمَا بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ غَالِبًا، وَالدَّالُّ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْخَاصَّيْنِ فَلَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الْفَمِ أَوْ عَيْنِ اللُّعَابِ فَلَا تَسْتَمِرُّ الدَّلَالَةُ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الْكَلْبِ كُلِّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ تَنَجُّسَ اللُّعَابِ أَوْ الْفَمِ كَمَا أَشَرْتُمْ إلَيْهِ لَزِمَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ، وَهُوَ إمَّا وُقُوعُ التَّخْصِيصِ فِي الْعُمُومِ أَوْ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِدُونِ عِلَّتِهِ؛ لِأَنَّا إذَا فَرَضْنَا تَطْهِيرَ فَمِ الْكَلْبِ مِنْ النَّجَاسَةِ بِمَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَوَلَغَ فِي الْإِنَاءِ فَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ وُجُوبُ غَسْلِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ وَجَبَ تَخْصِيصُ

<<  <  ج: ص:  >  >>