للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

حَبْسَ الْبَوْلِ يُحَصِّلُ لِصَاحِبِهِ ضَرَرًا فَكَانَ فِيهِ زِيَادَةُ ضَرَرٍ عَلَى تَنْجِيسِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَهَذَا مِنْ رِفْقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمَّتِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ لَهُمْ وَرُبَّمَا اُبْتُلِيَ مَنْ تَجَاوَزَ أَمْرَهُ وَتَأْدِيبَهُ بِأَشَدَّ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الْجَاهِلُ كَمَا حَكَى لِي صَاحِبُنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْقُدْوَةُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ صِدِّيقٍ الْجَنَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ قَالَ: كُنْت فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَأَيْت رَجُلًا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظْتُ عَلَيْهِ وَزِدْت فِي تَعْنِيفِهِ، ثُمَّ أَلْزَمْتُهُ أَنْ حَمَلَ ذَلِكَ الْحَصْبَاءَ الَّذِي تَنَجَّسَ بِبَوْلِهِ فِي ثَوْبِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَحْمَةِ الْمَوْسِمِ فَخَشِيت أَنْ يَطَأَهُ النَّاسُ وَيَتَنَجَّسُوا بِهِ قَبْلَ تَطْهِيرِهِ قَالَ: ثُمَّ تَذَكَّرْت قَوْلَهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَزْرِمُوهُ فَنَدِمْت عَلَى إفْحَاشِي عَلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ جَاهِلًا أَوْ سَبَقَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ قَالَ: فَابْتُلِيت فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِأَنْ سَبَقَنِي الْبَوْلُ فِي إزَارِي وَرِدَائِي وَأَنَا مُحْرِمٌ وَكَانَ عِنْدَهُ تَحَرُّزٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَرُبَّمَا جَاوَزَهَا إلَى الْوَسْوَسَةِ قَالَ فَخَرَجْت مِنْ الْمَسْجِدِ وَبَقِيت حَائِرًا أَيْنَ أَتَطَهَّرُ وَأُطَهِّرُ إحْرَامِي مَعَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَكَثْرَتِهِمْ عَلَى الْمِيَاهِ بِمَكَّةَ فَذَهَبْت إلَى فَسَاقِي بَابِ الْمُعَلَّى، وَالزِّحَامُ عَلَيْهَا فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ مِنْ السَّقَّايِينَ الَّذِينَ فِي الرَّكْبِ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا أَذْكُرُ أَنِّي رَأَيْته قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي أَهْلًا وَسَهْلًا بِحُبِّنَا الْمُوَسْوِسِ كَأَنَّك تُرِيدُ تَتَطَهَّرُ؟ فَقُلْت لَهُ: نَعَمْ فَأَعْطَانِي شَيْئًا اسْتَتَرْت بِهِ، ثُمَّ نَزَعَ إزَارِي وَرِدَائِي وَدَعَا صِبْيَانَهُ فَأَمْسَكَ بَعْضَهُمْ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ وَأَمَرَ بَعْضَهُمْ فَطَهَّرَ بَدَنَهُ وَأَفْرَغَ بِالدَّلْوِ مِنْ مَاءٍ كَثِيرٍ عَلَيْهِمَا حَتَّى طَابَتْ نَفْسِي بِتَطْهِيرِهِمَا وَوَقَفَ الصِّبْيَانُ بِهِمَا فِي الْهَوَاءِ حَتَّى جَفَّا وَأَمَرَهُمْ فَصَبُّوا عَلَيَّ حَتَّى طَابَتْ نَفْسِي بِحُصُولِ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ أَلْبَسُونِي إحْرَامِي وَقَالَ لِي آنَسْتنَا الْيَوْمَ وَرَحَّبَ بِي فَصِرْت مُتَعَجِّبًا مِنْ وُقُوعِ مِثْلِ هَذَا مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ وَعَلِمْت أَنَّ ذَلِكَ بِنَدَمِي عَلَى إفْحَاشِي عَلَى الَّذِي سَبَقَهُ الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

{الثَّانِيَةَ عَشَرَ} قَوْلُهُ هَرِيقُوا عَلَيْهِ هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَإِثْبَاتِ الْيَاءِ بَعْدَ الرَّاءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ أُهْرِيقُوا بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَهَكَذَا هُوَ مِنْ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بِزِيَادَةِ الْهَمْزِ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُحْذَفُ الْهَمْزُ مِنْهُ فِي حَالَةِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْمَاضِي مِنْهُ لُغَاتٌ أَفْصَحُهَا أَهَرَاقَ الْمَاءَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالْهَاءِ مَعًا يُهْرِيقُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ، وَاللُّغَةُ الثَّانِيَةُ هَرَاقَ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>