. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ: مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيُّ بْنِ خَلَفٍ» .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ غَيْرَ جَاحِدٍ لِوُجُوبِهَا، وَهُوَ قَوْلُ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا وَأَجَابُوا عَمَّا صَحَّ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا: أَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةَ الْكَافِرِ وَهِيَ الْقَتْلُ.
(وَالثَّانِي) أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ اسْتَحَلَّ تَرْكَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ،.
(وَالثَّالِثُ) أَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَئُولَ بِفَاعِلِهِ إلَى الْكُفْرِ كَمَا قِيلَ: الْمَعَاصِي بَرِيدُ الْكُفْرِ.
(وَالرَّابِعُ) أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ وَلَمْ يَصِحَّ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ غَيْرُ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الْأَشْبَهِ بِالصَّوَابِ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مُرْسَلًا، وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ تَقَدَّمَ تَضْعِيفُهُ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ: فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْمِلَّةِ فَالرَّاوِي لَهُ عَنْ عُبَادَةَ سَلَمَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَهُ صَاحِبُ الْمِيزَانِ.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ: وَلَا يُحَدِّثُ عَنْ سَلَمَةَ غَيْرُ يَزِيدَ بْنِ قُوذٍ، وَفِيهِ أَيْضًا مَنْ يَحْتَاجُ إلَى الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ شَكَّ الرَّاوِي لَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَفْعِهِ، وَهُوَ أَبُو الْجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ، وَحَدِيثُ أُمِّ أَيْمَنَ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَحَدِيثُ مُعَاذٍ فِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، وَهُوَ الدِّمَشْقِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ مُعَاذٍ، وَقَدْ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ إنَّهُ لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ.
وَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ إنَّهُ فَاتَهُ مُعَاذٌ وَأَثْبَتَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ سَمَاعَهُ مِنْهُ، وَكَذَا قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَدْرَكَهُ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيُّ بْنِ خَلَفٍ أَنْ يَكُونَ مُخَلَّدًا فِي النَّارِ مَعَهُمْ بَلْ قَدْ يُعَذَّبُ مَعَهُمْ فِي النَّارِ وَيَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ أَوْ يُغْفَرُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) احْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ جُحُودٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] وَبِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْت