. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مُرْتَفِعَةٌ قَدْ اصْفَرَّتْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ كَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ دَاسَةَ عَنْ أَبِي دَاوُد وَقَالَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَيَأْتِيهَا، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ انْتَهَى.
وَحَيَاتُهَا بَقَاءُ حَرِّهَا وَلَوْنِهَا، وَهَذَا يُنَافِي أَنْ تَكُونَ قَدْ اصْفَرَّتْ.
ثَانِيهِمَا لَوْ لَمْ تَرِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ، وَهِيَ حَيَّةٌ وَكَانَ ارْتِفَاعُهَا لَا يُنَافِي صُفْرَتَهَا عَلَى مَا قَرَّرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ فَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ إذَا وَصَلَ إلَى قُبَاءَ الَّتِي هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَذَلِكَ دَلِيلُ التَّعْجِيلِ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّمْسُ مُصْفَرَّةً وَلَا سِيَّمَا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا الْعَوَالِي وَقْتُهَا أَنَّهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَفِي رِوَايَةٍ سِتَّةُ أَمْيَالٍ، وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ بِالْعَصْرِ أَوَّلَ وَقْتِهَا لَمَا وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْمَسَافَةِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ (ثَالِثُهَا) كَيْفَ يَجْعَلُ حَدِيثَ أَنَسٍ مُضْطَرِبًا مَعَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ اخْتِلَافُهَا وَغَايَةُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ تَحْتَمِلُ مُخَالَفَةَ رِوَايَةِ الْبَاقِينَ.
وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ قَدْ اصْفَرَّتْ وَمَعَ احْتِمَالِ الْمُخَالَفَةِ، وَالْمُوَافَقَةِ لَا يَكُونُ اضْطِرَابًا بَلْ الْوَاجِبُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ الْمُحْتَمِلَةِ عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُصَرِّحَةِ وَجَعْلُهَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهَا وَلَا تَضَادَّ وَكَيْفَ نَجِيءُ إلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي هِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْمَقْصُودِ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَنَرُدُّهَا بِوُرُودِ رِوَايَةٍ أُخْرَى تَحْتَمِلُ أَنْ تُخَالِفَهَا احْتِمَالًا مَرْجُوحًا بَلْ لَوْ كَانَ احْتِمَالُ الْمُخَالَفَةِ رَاجِحًا لَكَانَ الْوَاجِبُ الْحَمْلَ عَلَى الْمَرْجُوحِ لِيُوَافِقَ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ فَكَيْفَ وَاحْتِمَالُ الْمُخَالَفَةِ هُوَ الْمَرْجُوحُ أَوْ الِاحْتِمَالَانِ مُسْتَوِيَانِ إنْ تَنَزَّلْنَا.
وَالْوَاقِفُ عَلَى كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَفْهَمُ مِنْهُ التَّعَصُّبَ بِبَادِئِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ مُحْتَمَلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ اصْفَرَّتْ، ثُمَّ إنَّهُ نَزَّلَ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَنْزِلَةَ الْمَجْزُومِ بِهِ، وَقَالَ فَقَدْ اضْطَرَبَ حَدِيثُ أَنَسٍ، ثُمَّ جَزَمَ بِأَنَّ مَعْنَى مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إنَّهُ يَحْتَمِلُ الْمُخَالَفَةَ فَقَطْ، ثُمَّ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ أَبِي الْأَبْيَضِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُحَلِّقَةٌ، وَقَالَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُؤَخِّرُهَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ قَدْرَ مَا يَسِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute