. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يُرِيدَ وُتِرَ دُونَ ثَوَابٍ يُدَّخَرُ لَهُ فَيَكُونُ مَا فَاتَ مِنْ ثَوَابِ الصَّلَاةِ كَمَا فَاتَ هَذَا الْمُوتُورَ اهـ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الرَّفْعِ فَمَعْنَاهُ اُنْتُزِعَ مِنْهُ أَهْلُهُ، وَمَالُهُ، وَهَذَا تَفْسِيرُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قُلْت) يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا خُصَّ الْأَهْلُ، وَالْمَالُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ إنَّمَا هُوَ بِالسَّعْيِ عَلَى الْأَهْلِ، وَالشُّغْلِ بِالْمَالِ فَذَكَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ تَفْوِيتَ هَذِهِ الصَّلَاةِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ فَقْدِ الْأَهْلِ، وَالْمَالِ فَلَا مَعْنَى لِتَفْوِيتِهَا بِالِاشْتِغَالِ بِهِمَا مَعَ كَوْنِ تَفْوِيتِهَا كَفَوَاتِهِمَا أَصْلًا وَرَأْسًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ التَّغْلِيظُ فِي فَوَاتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهَلْ يُلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَرَجَ جَوَابًا لِسُؤَالٍ فَيَلْحَقُ بِالْعَصْرِ بَاقِي الصَّلَوَاتِ وَيَكُونُ نَبَّهَ بِالْعَصْرِ عَلَى غَيْرِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ فِي الْعَصْرِ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْعِلَّةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَلَا يَلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا بِالشَّكِّ، وَالتَّوَهُّمِ وَإِنَّمَا يَلْحَقُ غَيْرُ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ إذَا عَرَفْنَا الْعِلَّةَ وَاشْتَرَكَا فِيهَا انْتَهَى.
وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَكَأَنَّمَا أُتِرَ أَهْلَهُ، وَمَالَهُ» لَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ: وُتِرَ وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً حَتَّى تَفُوتَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» .
وَفِي فَوَائِدِ تَمَّامٍ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ، وَمَالَهُ» ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ فِي حَدِيثِ نَوْفَلٍ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ نَوْفَلٍ أَتَدْرِي أَيَّةَ صَلَاةٍ هِيَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا هِيَ الْعَصْرُ وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي قَوْله تَعَالَى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: ١٠٦] أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ خُصَّتْ الْعَصْرُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي وَقْتِ تَعَبِ النَّاسِ مِنْ مُقَاسَاةِ أَعْمَالِهِمْ وَحِرْصِهِمْ عَلَى قَضَاءِ أَشْغَالِهِمْ وَتَسْوِيفِهِمْ بِهَا إلَى انْقِضَاءِ وَظَائِفِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ خُصَّتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَشْهُودَةُ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ تَعَاقُبِهِمْ، وَهَذَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصُّبْحِ إذْ الْمَلَائِكَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute