. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى تَثْوِيبًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِأَذَانِ الصُّبْحِ، وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي كُلِّ أَذَانٍ وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّثْوِيبَ يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ فَصْلٌ يَحْضُرُ فِيهِ الشَّيْطَانُ، وَالتَّثْوِيبُ الَّذِي فِي الصُّبْحِ لَا فَصْلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ بَلْ هُوَ فِي أَثْنَائِهِ.
وَأَصْلُ التَّثْوِيبِ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مُسْتَصْرِخًا فَيَلُوحَ بِثَوْبِهِ لِيُرَى وَيُشْتَهَرَ فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ، وَكُلُّ دَاعٍ مُثَوِّبٌ وَقِيلَ إنَّمَا سُمِّيَ تَثْوِيبًا مِنْ ثَابَ يَثُوبُ إذَا رَجَعَ فَالْمُؤَذِّنُ رَجَعَ بِالْإِقَامَةِ إلَى الدُّعَاءِ لِلصَّلَاةِ قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
فَحَنَتْ نَاقَتِي فَعَلِمْت أَنِّي ... غَرِيبٌ حِينَ ثَابَ إلَيَّ عَقْلِي
وَقَالَ غَيْرُهُ:
لَوْ رَأَيْنَا التَّأْكِيدَ خُطَّةَ عَجْزٍ ... مَا شَفَعْنَا الْأَذَانَ بِالتَّثْوِيبِ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يُقَالُ ثَوَّبَ الدَّاعِي إذَا كَرَّرَ دُعَاءَهُ إلَى الْحَرْبِ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ
فِي فِتْيَةٍ كَسُيُوفِ الْهِنْدِ أَوْجُهُهُمْ ... لَا يَنْكُلُونَ إذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي
وَقَالَ آخَرُ
لَخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْكُمْ ... إذَا الدَّاعِي الْمُثَوِّبُ قَالَ يَا لَا
وَقَوْلُهُ قُضِيَ النِّدَاءُ وَقُضِيَ التَّثْوِيبُ أَيْ فُرِغَ مِنْهُ.
١ -
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ يَخْطُرُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ. قَالَ: ضَبَطْنَاهُ عَنْ الْمُتْقِنِينَ بِالْكَسْرِ وَسَمِعْنَا مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِالضَّمِّ قَالَ: وَالْكَسْرُ هُوَ الْوَجْهُ وَمَعْنَاهُ يُوَسْوِسُ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ خَطَرَ الْفَحْلُ بِذَنَبِهِ إذَا حَرَّكَهُ يَضْرِبُ بِهِ فَخْذَيْهِ. وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَمِنْ السُّلُوكِ وَالْمُرُورِ أَيْ يَدْنُو مِنْهُ فَيَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَيَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ وَبِهَذَا فَسَّرَهُ الشَّارِحُونَ لِلْمُوَطَّأِ فَقَالَ الْبَاجِيَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ إقْبَالِهِ عَلَى صَلَاتِهِ وَإِخْلَاصِهِ وَبِالْأَوَّلِ فَسَّرَهُ الْخَلِيلُ.
١ -
(الثَّالِثَةُ) الْمَرْءُ الْإِنْسَانُ وَفِيهِ سَبْعُ لُغَاتٍ فَتْحُ الْمِيمِ وَضَمُّهَا وَكَسْرُهَا وَتَغَيُّرُهَا بِاعْتِبَارِ إعْرَابِ اللَّفْظَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً فَالْمِيمُ مَضْمُومَةٌ