وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْوَجْهُ
ــ
[طرح التثريب]
هِيَ النَّاصِبَةَ لِلْفِعْلِ، وَيَكُونُ يَضِلُّ بِضَادٍ غَيْرِ مُشَالَةٍ مِنْ الضَّلَالِ الَّذِي هُوَ الْحَيْرَةُ كَمَا يُقَالُ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يَحَارُ الرَّجُلُ وَيَذْهَلُ عَنْ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى فَتَكُونُ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِسُقُوطِ حَرْفِ الْجَرِّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الضَّلَالِ الَّذِي يُرِيدُ بِهِ الْخَطَأَ فَتَكُونُ الضَّادُ مَكْسُورَةً كَقَوْلِهِ {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} [طه: ٥٢] وَتَكُونُ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ ضَلَّ الَّتِي بِمَعْنَى أَخْطَأَ لَا يَحْتَاجُ تَعَدِّيهَا إلَى حَرْفِ الْجَرِّ قَالَ طَرَفَةُ
وَكَيْفَ يَضِلُّ الْقَصْدُ وَالْحَقُّ وَاضِحٌ ... وَلِلْحَقِّ بَيْنَ الصَّالِحِينَ سَبِيلُ
قَالَ وَلَوْ رُوِيَ حَتَّى يُضِلَّ الرَّجُلَ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى لَكَانَ وَجْهًا صَحِيحًا يُرِيدُ بِهِ حَتَّى يُضِلَّ الشَّيْطَانُ الرَّجُلَ عَنْ دِرَايَةِ كَمْ صَلَّى وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ كَذَا لَكِنَّهُ لَوْ رُوِيَ لَكَانَ وَجْهًا صَحِيحًا فِي الْمَعْنَى غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ مُرَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى.
وَمَا أَدْرِي مَا وَجْهُ تَفْرِقَةِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بَيْنَ لَا وَمَا فَجَعَلَ رِوَايَةَ الْفَتْحِ بِمَعْنَى لَا وَرِوَايَةَ الْكَسْرِ بِمَعْنَى مَا مَعَ أَنْ لَا وَمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ثُمَّ إنَّهُ أَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ لَا يُعْرَفُ قَوْلُهُ يَظَلُّ إلَّا بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَلَا يُتَّجَهُ مَعَ ذَلِكَ فِي إنْ إلَّا الْكَسْرُ وَلَا يُتَّجَهُ فِيهَا الْفَتْحُ إلَّا مَعَ الضَّادِ السَّاقِطَةِ كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَهِيَ رِوَايَةٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ حَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُ رَوَى يَضِلُّ بِالضَّادِ بِمَعْنَى يَنْسَى وَيَذْهَبُ وَهْمُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] وَمَا حَكَيْتُهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ ضَبْطِهِ أَنْ هُنَا بِالْفَتْحِ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الْأَصِيلِيُّ فَضَبَطَهَا بِالْفَتْحِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمَا حَكَيْتُهُ عَنْ الْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ أَيْضًا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ: وَلَا يَصِحُّ تَأْوِيلُ النَّفْيِ وَتَقْدِيرُ لَا مَعَ الْفَتْحِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِمَعْنَى مَا، وَالنَّفْيُ مَعَ الْكَسْرِ.
قَالَ: وَفَتْحُهَا لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى «يَضِلُّ» بِالضَّادِ فَيَكُونُ أَنْ مَعَ الْفِعْلِ بَعْدَهَا بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، وَمَفْعُولُ ضَلَّ أَيْ يَجْهَلُ دِرَايَتَهُ وَيَنْسَى عَدَدَ رَكَعَاتِهِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى الْفَتْحِ مُعَارَضٌ بِنَقْلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى الْكَسْرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ، وَمَا حَكَاهُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ الْوَجْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute