للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّ إيَّلَ لَا تُعْرَفُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.

(وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَصَرَّفْ آخِرُ الِاسْمِ فِي وُجُوهِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَكَانَ آخِرُهُ مَجْرُورًا أَبَدًا كَعَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَقَدْ قَالَ بِالْأَوَّلِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ فَإِنَّ مَا ادَّعُوهُ لَا أَصْلَ لَهُ انْتَهَى.

وَقَالَ الْأَخْفَشُ هُوَ يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ قَالَ وَيُقَالُ فِي لُغَةٍ إسْرَايِينُ بِالنُّونِ كَمَا قَالُوا جِبْرِينُ وَإِسْمَاعِينُ انْتَهَى.

وَالْمُرَادُ بَنُو إسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاغْتِسَالُهُمْ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ هَلْ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ جَوَازُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ خِلَافَهُ أَوْ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ مَنْعُهُ كَمَا فِي شَرْعِنَا وَكَانَ فِعْلُهُمْ ذَلِكَ مِنْ عِصْيَانِهِمْ وَمُخَالَفَتِهِمْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي شَرْعِ مُوسَى إذْ ذَكَرَ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ يَعْنِي الِاغْتِسَالَ وَحْدَهُ حَيَاءً وَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى قَوْمِهِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَظْهَرَ ذَلِكَ مِنْهُ لِقَوْمِهِ حَتَّى نَظَرُوا إلَيْهِ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ إنَّمَا كَانَ بَنُو إسْرَائِيلَ تَفْعَلُ هَذَا مُعَانَدَةً لِلشَّرْعِ وَمُخَالَفَةً لِمُوسَى وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ عُتُوِّهِمْ وَقِلَّةِ مُبَالَاتِهِمْ بِاتِّبَاعِ شَرْعِ مُوسَى أَلَا تَرَى أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَسْتَتِرُ عِنْدَ الْغُسْلِ فَلَوْ كَانُوا أَهْلَ تَوْفِيقٍ وَعَقْلٍ اتَّبَعُوهُ ثُمَّ لَمْ تَكْفِهِمْ مُخَالَفَتُهُمْ لَهُ حَتَّى آذَوْهُ بِمَا نَسَبُوا إلَيْهِ مِنْ آفَةِ الْأُدْرَةِ فَأَظْهَرَ اللَّهُ بَرَاءَتَهُ مِمَّا قَالُوا فِيهِ بِطَرِيقٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ زِيَادَةً فِي أَدِلَّةِ صِدْقِ مُوسَى وَمُبَالَغَةً فِي قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.

وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ ابْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ وَأَمَّا اغْتِسَالُ بَنِي إسْرَائِيلَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَيَدُلُّ أَنَّهُمْ كَانُوا عُصَاةً لَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ مُقْتَدِينَ بِسُنَّتِهِ إذْ كَانَ هُوَ يَغْتَسِلُ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ وَيَطْلُبُ الْخَلْوَةَ فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ اغْتِسَالُهُمْ عُرَاةً فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ عَنْ عِلْمِ مُوسَى وَإِقْرَارِهِ لِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْنَا فِعْلُهُ لِأَنَّ فِي شَرِيعَتِنَا الْأَمْرَ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ عَنْ أَعْيُنِ الْآدَمِيِّينَ وَذَلِكَ فَرْضٌ عَلَيْنَا انْتَهَى.

وَأَشَارَ قَبْلَ ذَلِكَ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ رُؤْيَتِهِمْ مُوسَى بِقَوْلِهِ فِيهِ إبَاحَةُ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ مِنْ مُدَاوَاةٍ أَوْ بَرَاءَةٍ مِمَّا رُمِيَ بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ كَالْبَرَصِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَدْوَاءِ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>