للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَيُصَلِّي نَافِلَةً بَعْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ فَمُرَادُهُ إمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَؤُمَّ قَوْمَكَ، وَكَذَا قَوْلُهُ «أَوْ تَجْعَلَ صَلَاتَك مَعِي» .

وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَهُوَ كَانَ يُصَلِّي مَعَهُ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَقْتَصِرُ عَلَى صَلَاتِك مَعِي وَلَيْسَ فِيهِ كَوْنُ الْفَرْضِ هِيَ الَّتِي كَانَتْ مَعَ قَوْمِهِ وَإِذَا كَانَ هَذَا مُحْتَمِلًا لِلتَّأْوِيلِ وَقَوْلُ جَابِرٍ «هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ» لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَجَابِرٌ مِمَّنْ كَانَ يُصَلِّي مَعَ مُعَاذٍ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَقَدْ اعْتَرَضَ الطَّحَاوِيُّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا.

وَذَكَرَهَا ابْنُ جُرَيْجٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَوْ قَوْلِ جَابِرٍ وَالْجَوَابُ أَنْ لَا نَحْكُمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مُدْرَجَةٌ بِالِاحْتِمَالِ وَإِذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْحَدِيثِ فَهِيَ مِنْ كَلَامِ الَّذِي رَوَى الْقِصَّةَ وَهُوَ جَابِرٌ وَهُوَ مِمَّنْ حَضَرَ الصَّلَاةَ مَعَ مُعَاذٍ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهَا فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَمِنْهَا) أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِقِصَّةِ مُعَاذٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ تَرْكِ إنْكَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَبْعُدُ بَلْ يَمْتَنِعُ عَادَةً أَنْ يَتَرَافَعُوا فِي قِصَّةٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا.

(وَمِنْهَا) أَنَّ حَدِيثَ «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» نَاسِخٌ لِقِصَّةِ مُعَاذٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ أُحُدٍ بِدَلِيلِ أَنَّ صَاحِبَ الْوَاقِعَةِ مَعَ مُعَاذٍ قُتِلَ شَهِيدًا بِأُحُدٍ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الِاخْتِلَافِ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ خَيْبَرَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَى النَّسْخِ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ فَحُمِلَ النَّهْيُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ، فِيهِ إعْمَالٌ لِلْحَدِيثَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَصِيرِ إلَى النَّسْخِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَمِنْهَا) أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ غَيْرَ مَرَّةٍ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ الْهِجْرَةِ» عَلَى وَجْهٍ فِيهِ مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَةٌ بِالْأَفْعَالِ الْمُنَافِيَةِ لِلصَّلَاةِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْخَوْفِ فَلَوْ جَازَتْ صَلَاةُ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ لَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ صَلَاةً عَلَى وَجْهٍ لَا يَقَعُ فِيهِ مُنَافَاةٌ وَكَانَ إسْلَامُ مُعَاذٍ مُتَقَدِّمًا عَلَى هَذَا وَفِي هَذَا أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى النَّسْخِ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ بِكُلِّ طَائِفَةٍ مُنْفَرِدَةً فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَوْفٍ الظُّهْرَ فَصَفَّ بَعْضَهُمْ خَلْفَهُ وَبَعْضَهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ فَوَقَفُوا مَوْقِفَ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فَصَلُّوا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» .

فَفِي هَذَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>