وَقَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَقَالَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» ..
ــ
[طرح التثريب]
تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَقَالَ: الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةِ صَدَقَةٌ وَقَالَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» .
فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) السُّلَامَى بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مَقْصُورٌ وَهُوَ جَمْعُ سَلَامِيَّةَ وَقِيلَ: وَاحِدَهُ وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ وَيُجْمَعُ عَلَى سُلَامَيَاتٍ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهَا فَقِيلَ: السُّلَامِيَّةُ الْأُنْمُلَةُ مِنْ أَنَامِلِ الْأَصَابِعِ وَقِيلَ السُّلَامَى كُلُّ عَظْمٍ مُجَوَّفٍ مِنْ صِغَارِ الْعِظَامِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ عَظْمٌ يَكُونُ فِي فِرْسِنِ الْبَعِيرِ.
(قُلْت) وَالصَّوَابُ أَنَّ السُّلَامَى هِيَ الْمَفَاصِلُ وَأَنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثمِائَةِ السُّلَامَى فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنْ النَّارِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «يُمْسِي» فَبَيَّنَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا أَنَّ السُّلَامَى هِيَ الْمَفَاصِلُ.
(الثَّانِيَةُ) مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ عَظْمٍ أَوْ مَفْصِلٍ مِنْ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا عَلَى الْمُكَلَّفِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَدْ يُطْلَقُ فِي الْفِعْلِ الْمُتَأَكِّدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَقَوْلِهِ «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتُّ خِصَالٍ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ» الْحَدِيثَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ مَجْمُوعَ هَذِهِ الْخِصَالِ وَاجِبَةً وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لِمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرَةِ «وَيُجْزِي مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى» وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّوَافِلَ لَا تُجْزِي عَنْ الْوَاجِبَاتِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ صَلَاةِ الضُّحَى عَلَى عُمُومِ النَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَوَّلَ هَذِهِ الْأَفْعَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ عَلَى الْوُجُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute