. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَهُوَ عِنْدِي حَسَنٌ لَكِنْ ضَبَطَ أَصْحَابُنَا مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّخْفِيفُ مِنْ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِمَا بِمَا قَدَّمْنَا فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ.
فَقَالُوا إنَّهُ يَقْتَصِرُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ وَقِيلَ خَمْسٍ وَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت إلَى آخِرِهِ فِي الرُّكُوعِ وَلَا اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت إلَى آخِرِهِ فِي السُّجُودِ إلَّا إنْ انْحَصَرَ الْمَأْمُومُونَ وَرَضُوا بِالتَّطْوِيلِ وَأَنَّهُ يَقْتَصِرُ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى قَوْلِهِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ وَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ إلَى آخِرِهِ إلَّا إنْ انْحَصَرَ الْمَأْمُومُونَ وَرَضُوا بِالتَّطْوِيلِ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَقَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مَا يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الدُّعَاءِ أَنْقَصَ مِنْهُمَا.
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ بِأَوْسَاطِهِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِهِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَفِّفَ الْأَذْكَارَ فَلَمْ يَذْكُرْ تَخْفِيفَ الْقِرَاءَةِ وَشَرَحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ إنَّ التَّخْفِيفَ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَإِنَّمَا الْمُسْتَحَبُّ فِيهَا مَا تَقَرَّرَ فِي بَابِهِ وَنَقَلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ لَكِنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُهَذَّبِ قَالَ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَفِّفَ الْأَذْكَارَ وَالْقِرَاءَةَ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا آثَرَ الْمَأْمُومُونَ الْمَحْصُورُونَ ذَلِكَ وَإِلَّا خَفَّفَ.
وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي التَّحْقِيقِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ثُمَّ يُسْتَثْنَى الْمُسَافِرُ فِي الصُّبْحِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْإِحْيَاءِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ التَّطْوِيلُ وَالتَّخْفِيفُ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ طَوِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ وَقَدْ يَكُونُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةٍ آخَرِينَ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إنَّهُ لَا يَزِيدُ الْإِمَامُ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَمْرِهِ بِالتَّخْفِيفِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّ عَادَةَ الصَّحَابَةِ لِأَجْلِ شِدَّةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute