للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَأَنْكَرَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْقُرْطُبِيِّ قَوْلَهُ أَنَّ الْوَقَارَ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ لِأَنَّ الْوَقَارَ مُعْتَلُّ الْفَاءِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ الْوَقَارُ الْحِلْمُ وَالرَّزَانَةُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَأَنَّ السَّكِينَةَ فِي الْحَرَكَاتِ وَاجْتِنَابِ الْعَبَثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْوَقَارَ فِي الْهَيْئَةِ وَغَضِّ الْبَصَرِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى طَرِيقِهِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى.

{الرَّابِعَةُ} الْمَعْنَى فِي نَهْيِ قَاصِدِ الصَّلَاةِ عَنْ الْإِسْرَاعِ وَأَمْرِهِ بِالْمَشْيِ بِسَكِينَةٍ أُمُورٌ:

(أَحَدُهَا) قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» فَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَدَّبَ بِآدَابِ الصَّلَاةِ مِنْ تَرْكِ الْعَجَلَةِ وَالْخُشُوعِ وَسُكُونِ الْأَعْضَاءِ وَمِنْ هَذَا أَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ وَحَكَى النَّوَوِيُّ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ الْعُلَمَاءِ.

(الثَّانِي) تَكْثِيرُ الْخُطَا فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْت أَمْشِي مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَارَبَ فِي الْخُطَّا فَقَالَ أَتَدْرِي لِمَ مَشَيْت بِك هَذِهِ الْمِشْيَةَ؟ فَقُلْت لَا، فَقَالَ لِتَكْثُرَ خُطَانَا فِي الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

(الثَّالِثُ) ذَكَرَ الْمُهَلَّبِ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَبْهَرَ الْإِنْسَانَ نَفْسَهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَرْتِيلِ الْقُرْآنِ وَلَا مِنْ الْوَقَارِ اللَّازِمِ لَهُ فِي الْخُشُوعِ انْتَهَى.

وَذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَيْضًا قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَنِي عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ أَيْ الْأَوَّلَيْنِ عَوْدُ الْمُصَلِّي مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى بَيْتِهِ فَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَقَدْ زَالَ فِي رُجُوعِهِ إلَى بَيْتِهِ كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي فَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا الْمَشْيُ وَمُقَارَبَةُ الْخُطَا لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «مَنْ رَاحَ إلَى مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فَخُطْوَةٌ تَمْحُو سَيِّئَةً وَخُطْوَةٌ تَكْتُبُ حَسَنَةً ذَاهِبًا وَرَاجِعًا» وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

{قُلْت} وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ فَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ فِي الرُّجُوعِ كَمَا قُلْنَا عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ {الْخَامِسَةُ} هَذَا الْحَدِيثُ نَاسِخٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا إذَا سُبِقُوا بِبَعْضِ الصَّلَاةِ صَلَّوْا مِقْدَارَ مَا فَاتَهُمْ مُنْفَرِدِينَ ثُمَّ دَخَلُوا مَعَ الْإِمَامِ فَصَلَّوْا مَعَهُ بَقِيَّةَ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ إذَا جَاءَ يَسْأَلُ فَيُخْبَرُ بِمَا سَبَقَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>