. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَوْ تَحْتَ رِجْلَيْهِ فَيَدْفِنُهُ إنْ حَمَلْنَا الْحَدِيثَ عَلَى إرَادَةِ كَوْنِهِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ.
{الرَّابِعَةُ} عَلَّلَ النَّهْيَ عَنْ الْبُصَاقِ أَمَامَهُ بِكَوْنِهِ مُنَاجِيًا لِلَّهِ وَعَلَّلَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَهُ بِأَنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إذَا صَلَّى وَفِي حَدِيثِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ «مَا بَال أَحَدُكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلًا رَبَّهُ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ» وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُرَادَ إقْبَالُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى التَّعْظِيمِ لِشَأْنِ الْقِبْلَةِ وَإِكْرَامِهَا قَالَ وَقَدْ نَوَّعَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَةِ إلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ مَكَان وَلَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ قَالَ وَهَذَا جَهْلٌ مِنْ قَائِلِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ يَبْصُقُ تَحْتَ قَدَمِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ يَنْقُضُ مَا أَصَّلُوهُ فِي أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَان.
هَذَا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ أَحَدُ الْقَائِلِينَ بِالْجِهَةِ فَأَخَذُوهُ وَإِنَّمَا ذَكَرْته لِأُنَبِّهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ بِدَلِيلِ مَا لِلْقَاضِي إسْمَاعِيل بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَامَ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ أَقْبَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ فِي قِبْلَتِهِ» الْحَدِيثَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُصَلِّي يَتَوَجَّهُ بِوَجْهِهِ وَقَصْدِهِ وَكُلِّيَّتِهِ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ نَزَّلَهَا فِي حَقِّهِ وُجُودَ مَنْزِلَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ كَمَا قَالَ «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» أَيْ بِمَنْزِلَةِ يَمِينِ اللَّهِ قُلْت.
وَقَدْ أَوَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةَ رَبِّهِ أَوْ رَحْمَةَ رَبِّهِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «فَلَا تَبْصُقْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ» قُلْت وَلَا أَحْفَظُ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْبُصَاقِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَسْحِ الْحَصَا كَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحْ الْحَصَا فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ» .
{الْخَامِسَةُ} هَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ أَوْ الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي نَفْسُ الصَّلَاةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْحَقِيقَةُ فَحَمْلُهُ عَلَيْهِ أَوْلَى وَيَدُلُّ عَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَهُ «فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إذَا صَلَّى» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{السَّادِسَةُ} عُلِّلَ النَّهْيُ عَنْ الْبُصَاقِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَيُقَالُ عَلَى هَذَا إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute