. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
اخْتِلَافَ الْأَحَادِيثِ عَلَى ذَلِكَ لَوْ سَلِمَ لَهُمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ لَكِنْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَاسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ عَلَى وُجُوهِهَا أَوْلَى مِنْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ فِيهَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ السُّجُودَ لِلنَّقْصِ جُبْرَانٌ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ السَّلَامِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ.
(وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ) اسْتِعْمَالُ كُلِّ حَدِيثٍ فِي مَوْضِعِهِ زِيَادَةً كَانَ أَوْ نَقْصًا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ إذَا سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَبَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَإِذَا سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكَذَلِكَ عَلَى حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَفِي التَّحَرِّي بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَفِي الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَفِي الشَّكِّ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَوْفٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ عَنْهُ قَالَ قُلْت لَهُ فَمَا كَانَ سِوَاهَا مِنْ السَّهْوِ قَالَ يَسْجُدُ فِيهِ كُلِّهِ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ يَجْبُرُ مَا نَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ وَمَا قَالَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ اسْتِعْمَالِ كُلِّ حَدِيثٍ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ بِهِ دَاوُد إلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْخَمْسَةِ الَّتِي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ) أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ أَيْضًا لِلشَّافِعِيِّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهَا الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ وَقَدْ أَجَابَ أَصْحَابُ كُلِّ إمَامٍ مِنْهُمْ عَنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا غَيْرُ إمَامِهِ بِوُجُوهٍ: (مِنْهَا) دَعْوَى النَّسْخِ لِمَا وَقَعَ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ إنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَلَوْ كَانَ مُسْنَدًا فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فِي مَاذَا؟ فَلَعَلَّهُ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ فِي مَحَلِّ النَّقْصِ فَلَا يَدْفَعُ قَوْلَ مَالِكٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ سُجُودَ السَّهْوِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى صُورَةٍ مِنْهُ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَهُوَ بَعِيدٌ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ «فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ» فَحَمَلْنَا السَّلَامَ الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ سَهَا فِي السَّلَامِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ بِإِعَادَةِ السَّلَامِ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يُقَابِلُهُ الْحَنَفِيُّ بِمِثْلِهِ فَيَقُولُ سُجُودُهُ قَبْلَ السَّلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute