للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

يَوْمٍ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الصَّوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَعَلَقَةُ الصِّيَامِ بِالصِّيَامِ أَمَسُّ مِنْ عَلَقَةِ الِاضْطِجَاعِ بِالصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَرَكَ صِيَامَ رَمَضَانَ جُمْلَةً فِي سَنَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُ رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ صَوْمَ رَمَضَانَ الْمُتَقَدِّمَ قَبْلَ إيجَابِ صَوْمِ رَمَضَانَ الَّذِي يَلِيهِ وَأَيْضًا فَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّسَحُّرِ لِلصَّائِمِ فَقَالَ تَسَحَّرُوا» .

فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ مَنْ تَرَكَ التَّسَحُّرَ عَمْدًا أَوْ نَسِيَانَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَالسُّحُورُ أَعْلَقُ بِالصَّوْمِ مِنْ الِاضْطِجَاعِ بِالصَّلَاةِ وَأَيْضًا فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ صَلَاةُ الْعِيدِ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ حَزْمٍ عَمَّا أَوْرَدْنَا عَلَيْهِ فِي السُّحُورِ بِأَنْ قَالَ لَا يَضُرُّ الصَّوْمَ تَعَمُّدُ تَرْكِ السُّحُورِ لِأَنَّهُ مِنْ حُكْمِ اللَّيْلِ وَالصِّيَامُ مِنْ حُكْمِ النَّهَارِ وَلَا يَبْطُلُ عَمَلٌ بِتَرْكِ عَمَلٍ غَيْرِهِ إلَّا بِأَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ فَيُوقَفَ عِنْدَهُ انْتَهَى قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلِ اللَّيْلِ وَكَيْفَ يَقُولُ فِي تَرْكِ صَلَاةٍ مِنْ النَّهَارِ بِصِحَّةِ مَا بَعْدَهَا مِنْ النَّهَارِ أَيْضًا وَهَلْ وَرَدَ نَصٌّ أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الضَّجْعَةِ أَوْ نَسِيَهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ؟

هَذَا مَا لَا يُوجَدُ أَصْلًا وَهَذَا مِنْ أَسْوَأِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي صَارَ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى كَرَاهَةِ هَذِهِ الضَّجْعَةِ وَعَدَّهَا مِنْ الْبِدَعِ فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَفْعَلُهَا وَقَالَ إنَّهَا بِدْعَةٌ وَقَالَ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا تَلَعَّبَ بِكُمْ الشَّيْطَانُ وَقَالَ لَمَّا رَأَى رَجُلًا يَفْعَلُهَا احْصِبُوهُ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَا هَذَا التَّمَرُّغُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ كَتَمَرُّغِ الْحِمَارِ إذَا سَلَّمَ فَقَدْ فَصَلَ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُهَا وَقَالَ هِيَ ضَجْعَةُ الشَّيْطَانِ.

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَا بَالُ أَحَدِكُمْ إذَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ يَتَمَرَّغُ يَكْفِيهِ التَّسْلِيمُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ النَّهْيُ عَنْهَا وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يُعْجِبُهُ ذَلِكَ وَعَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ احْتَبَى.

وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنْكَارَ الضَّجْعَةِ أَيْضًا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ إنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>