للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

قِرَاءَتُهُ انْقَطَعَتْ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ مِنْ نُعَاسٍ وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ اسْتَعْجَمَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ لَمْ يُفْصِحْ بِهِ لِسَانُهُ ثُمَّ قَالَ اسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ أَيْ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَالْأَعْجَمِيِّ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: اسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ أَيْ ارْتَجَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقْرَأَ كَأَنَّهُ صَارَ بِهِ عُجْمَةٌ.

(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ» ، يَحْتَمِلُ مَعْنَاهُ أَوْجُهًا:

(أَحَدُهَا) أَنَّهُ لِنُعَاسِهِ صَارَ لَا يَفْهَمُ مَا يَنْطِقُ بِهِ.

(وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَا يَدْرِي لِشِدَّةِ نُعَاسِهِ مَا بَعْدَ اللَّفْظِ الَّذِي نَطَقَ بِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ.

(وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ لِشِدَّةِ نُعَاسِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّطْقِ أَصْلًا وَهَذِهِ مَرَاتِبُ أَخَفُّهَا الْأَوَّلُ وَأَشَدُّهَا الْأَخِيرُ.

(الْخَامِسَةُ) الْأَمْرُ بِالِاضْطِجَاعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ الْإِيجَابِ؟ قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَقْتَضِي وُجُوبَ ذَلِكَ فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَإِنْ كَانَ النُّعَاسُ خَفِيفًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي النَّاعِسُ أَنَّهُ أَتَى بِوَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَيَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْهَا ثُمَّ إنْ ذَهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ بِأَمْرٍ آخَرَ غَيْرِ الِاضْطِجَاعِ مِنْ تَبَرُّدٍ بِمَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى ذَهَابِ النَّوْمِ وَقَدْ ذَهَبَ فَإِذَا حَصَلَ الْمَقْصِدُ سَقَطَتْ الْوَسَائِلُ وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ ذَلِكَ إلَّا بِالِاضْطِجَاعِ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُقَدَّمَة لِلْوَاجِبِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إنَّ مَنْ اعْتَرَاهُ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ وَكَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَنَامَ حَتَّى يَتَفَرَّغَ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى فَحَمَلَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ انْتَهَى كَلَامُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالظَّاهِرُ حَمْلُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا وَمَا دَامَ النُّعَاسُ خَفِيفًا فَلَا وَجْهَ لِلْوُجُوبِ وَإِذَا اشْتَدَّ النُّعَاسُ انْقَطَعَتْ الصَّلَاةُ لِشِدَّتِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إيجَابِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُصَلِّي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسَةُ) ظَاهِرُ لَفْظِ الْحَدِيثِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ لَكِنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنَّ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْقِيَامِ مِنْ اللَّيْلِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ دُونَ صَلَاةِ النَّهَارِ وَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِصَلَاةِ النَّفْلِ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْ صَلَاةِ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى صَلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>