. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
اللَّيْلِ لِوُقُوعِهِ فِيهِمَا وَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْفَاعِلِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ «جَدَّ بِهِ السَّيْرُ» جَدَّ فِي السَّيْرِ وَيُوَافِقُ هَذَا قَوْلَهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «إذَا جَدَّ فِي السَّيْرِ» قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْجَدَّ الِاجْتِهَادُ فِي الْأُمُورِ تَقُولُ مِنْهُ جَدَّ فِي الْأَمْرِ يَجِدُّ وَيَجُدُّ أَيْ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا وَأَجَدَّ فِي الْأَمْرِ مِثْلُهُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ يُقَالُ إنَّ فُلَانًا لَجَادٌّ مُجِدٌّ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ جَدَّ فِي أَمْرِهِ يَجِدُّ وَيَجُدُّ جَدًّا وَأَجَدَّ حَقَّقَ وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ الْجَدُّ الْمُبَالَغَةُ فِي الشَّيْءِ انْتَهَى.
وَيَأْتِي هَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ فِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ إمَّا أَنْ يُضَمِّنَ عَجَّلَ مَعْنَى اشْتَدَّ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نِسْبَةُ الْعَجَلِ إلَى السَّيْرِ مَجَازًا وَتَوَسُّعًا وَالْأَصْلُ عَجَّلَ فِي السَّيْرِ.
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ الْجَدُّ فِي السَّفَرِ وَالِاسْتِعْجَالُ فِيهِ وَتَقَدَّمَ مِنْ سُنَنِ النَّسَائِيّ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَيْضًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَاغَتْ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «إذَا عَجَّلَ عَلَيْهِ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ» وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا وَصَحِيحِ مُسْلِمٍ مَوْصُولًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَقُلْ مُسْلِمٌ «إذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ» وَزَادَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَقُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ أُمَّتَهُ فَزَادَ فِي حَدِيثَيْ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَأَمَّا اقْتِصَارُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ عَلَى ذِكْرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَسَبَبُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ جَوَابًا لِقَضِيَّةٍ وَقَعَتْ لَهُ فَإِنَّهُ اُسْتُصْرِخَ عَلَى زَوْجَتِهِ فَذَهَبَ مُسْرِعًا وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَذَكَرَ ذَلِكَ بَيَانًا لِأَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى وَفْقِ السُّنَّةِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقَدْ رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاذٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute