للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

اشْتِرَاطِ الْجَدِّ فِي السَّفَرِ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَعُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ.

(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي الِاخْتِصَاصِ بِحَالَةِ الْجَدِّ فِي السَّفَرِ لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْجَدِّ خَوْفَ فَوَاتِ أَمْرٍ أَوْ إدْرَاكِ مُهِمٍّ بَلْ كَانَ الْجَدُّ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَوْله تَعَالَى عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ لَا إلَّا أَنْ تَعَجَّلَنِي سَيْرٌ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ إلَّا مَنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ إنْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ السَّفَرَ نَفْسَهُ إنَّمَا هُوَ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ انْتَهَى وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَاكِثَ فِي الْمَنْزِلَةِ لَيْسَ قَاطِعًا لِلطَّرِيقِ وَكَذَلِكَ مَنْ هُوَ سَائِرٌ إلَّا أَنَّهُ لَا اسْتِعْجَالَ بِهِ بَلْ هُوَ يَسِيرُ عَلَى هِينَتِهِ فَهُوَ أَنْ يُجَوِّزَ الشَّافِعِيُّ لَهُمَا الْجَمْعَ وَلَا يُجَوِّزُهُ لَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ وَلَعَلَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ أَسْعَدُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ اعْتِبَارُ الْجَدِّ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مَخْصُوصٍ لِذَلِكَ وَلَا يُقَالُ إنَّمَا يَكُونُ الْجَدُّ لِخَوْفِ فَوَاتِ أَمْرٍ أَوْ إدْرَاكِ مُهِمٍّ فَقَدْ يَكُونُ الْجَدُّ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالِاسْتِرَاحَةِ مِنْ مَتَاعِبِ السَّفَرِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلْ إلَى أَهْلِهِ» لَكِنْ زَادَ حَدِيثُ مُعَاذٍ عَلَى ذَلِكَ بِبَيَانِ الْجَمْعِ فِي زَمَنِ الْإِقَامَةِ الَّتِي لَا تَقْطَعُ اسْمَ السَّفَرِ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْقَوْلُ الرَّابِعُ) أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ» ، قَالَ وَعَنْ الثَّوْرِيِّ نَحْوُ هَذَا وَعَنْهُ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ السَّيْرُ انْتَهَى وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مَا أَرَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَّا مِنْ أَمْرٍ فَجَعَلَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ الْجَدَّ فِي السَّيْرِ مِثَالًا لِلْعُذْرِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْعُذْرِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَيَقُولُ الْجُمْهُورُ السَّفَرُ نَفْسُهُ عُذْرٌ وَمَظِنَّةٌ لِلرُّخْصَةِ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْقَوْلُ الْخَامِسُ) مَنْعُ الْجَمْعِ بِعُذْرِ السَّفَرِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلنُّسُكِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَهَذَا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ بَلْ زَادَ أَبُو حَنِيفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>