. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يُجْزِئُ مِنْهُ ثُمَّ بَوَّبَ مَنْ كَانَ لَا يَغْتَسِلُ فِي السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَوَى فِيهِ بِأَسَانِيدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْتَسِلُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي السَّفَرِ وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَغْتَسِلُ وَأَنَا أَرَى لَك أَنْ لَا تَغْتَسِلَ وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَإِيرَادُهُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ مُفَصَّلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْعَاشِرَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَغْتَسِلْ وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ عُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ حَضَرُوا الْخُطْبَةَ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ وَلَأَلْزَمُوهُ بِهِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا عَلِمْنَا أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَدْ عَلِمَا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِذِكْرِ عُمَرَ عِلْمَهُ وَعِلْمَ عُثْمَانُ وَلَمْ يَغْتَسِلْ عُثْمَانُ وَلَمْ يَخْرُجْ فَيَغْتَسِلَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ عُمَرُ بِذَلِكَ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَدْ عَلِمَا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغُسْلِ عَلَى الْأَحَبِّ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَكَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ دَلَّ أَنَّ عِلْمَ مَنْ سَمِعَ مُخَاطَبَةَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مِثْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ انْتَهَى نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ فَفِي هَذَا إجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْلَالِ فَقَالَ يُقَالُ لَهُمْ مَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَكُنْ اغْتَسَلَ فِي صَدْرِ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالرُّجُوعِ لِلْغُسْلِ؟ فَإِنْ قَالُوا وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ اغْتَسَلَ فِي صَدْرِ يَوْمِهِ وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ لِلْغُسْلِ قُلْنَا هَبْكُمْ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عِنْدَنَا بِهَذَا وَلَا دَلِيلَ عِنْدَكُمْ بِخِلَافِهِ فَمَنْ جَعَلَ دَعْوَاكُمْ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى غَيْرِكُمْ فَالْحَقُّ أَنْ يَبْقَى الْخَبَرُ لَا حُجَّةَ فِيهِ، هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ اغْتَسَلَ فِي صَدْرِ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَى عُثْمَانَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَمْ يَعْتَذِرْ عُثْمَانُ عَنْ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ اغْتَسَلَ لَاعْتَذَرَ بِذَلِكَ وَذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إنْكَارٌ وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ لِلْغُسْلِ فَهُوَ مَدْفُوعٌ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ فَمَنْ ادَّعَاهُ فَلْيُقِمْ الدَّلِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute