فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ»
ــ
[طرح التثريب]
فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الْأُولَى الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ أَيْضًا عَنْ سَالِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ الصَّحِيحُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» .
(الثَّانِيَةُ) هَذَا الْحَدِيثُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي أَنَّ ظَاهِرَهُ إيجَابُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ بَلْ هُوَ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ فَلْيَغْتَسِلْ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ كَانَ يَأْمُرُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ وَالِاسْتِحْبَابَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى لَفْظِ الرِّوَايَةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ لَفْظٌ آخَرُ: أَوَلَمْ تَسْمَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا فَهُوَ مُسَاوٍ لِلَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ إيضَاحُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ.
(الثَّالِثَةُ) قَدْ تَبَيَّنَ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ الَّتِي قَدَّمْتهَا أَنَّ قَوْلَهُ «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ» مَعْنَاهُ إذَا أَرَادَ الْمَجِيءَ لِقَوْلِهِ إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الظَّاهِرِ قَوْلَهُمْ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاغْتِسَالُ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَلَوْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ» فَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الْغُسْلَ بَعْدَ الرَّوَاحِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٣] أَوْ مَعَ الرَّوَاحِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَوْ قَبْلَ الرَّوَاحِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: ١٢] وَكُلُّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ قُلْت لَوْلَا رِوَايَةُ إذَا أَرَادَ لَكَانَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الِاغْتِسَالَ بَعْدَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute