. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ مَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ كِتَابَةُ النَّاسِ عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ خُرُوجَهُ مُقَارِنٌ لِلزَّوَالِ وَمَا كَانَ يُؤَذَّنُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ؟ .
(الثَّالِثَةُ) تَعَلَّقَ الْمَالِكِيَّةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ فِيهِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَأَتَى بِالْفَاءِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ بِلَا مُهْلَةٍ فَاقْتَضَى تَعْقِيبَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُهُ الْجُمْهُورُ مِنْ اعْتِبَارِ أَوَّلِ النَّهَارِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى سِتِّ سَاعَاتٍ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ النَّهَارِ لَمْ يَكُنْ الْآتِي فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ يَعْقُبُهُ الْآتِي فِي أَوَّلِ الَّتِي تَلِيهَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ مَنْ جَاءَ أَوَّلًا وَمَنْ جَاءَ عَقِبَهُ وَهَكَذَا وَهُوَ إنَّمَا أَتَى بِالْفَاءِ فِي كِتَابَةِ الْآتِينَ وَأَمَّا مِقْدَارُ الثَّوْبِ فَلَمْ يَأْتِ فِيهِ بِالْفَاءِ (ثَانِيهِمَا) قَوْلُهُ الْمُهَجِّرُ وَالتَّهْجِيرُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْهَاجِرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ كَوْنَ التَّهْجِيرِ مَعْنَاهُ الْإِتْيَانُ فِي الْهَجِيرِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ قَوْلٌ مَحْكِيٌّ عَنْ الْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ التَّهْجِيرَ التَّبْكِيرُ فَإِنْ ثَبَتَ اشْتِرَاكُ اللَّفْظِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ فَالْحَمْلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي أَوْلَى لِيُوَافِقَ غَيْرَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ (ثَانِيهِمَا) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُهَجِّرِ مَنْ هَجَرَ مَنْزِلَهُ وَتَرَكَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَقْوَى مُعْتَمَدِ مَالِكٍ فِي كَرَاهِيَةِ الْبُكُورِ إلَيْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمُتَّصِلُ بِتَرْكِ ذَلِكَ وَسَعْيُهُمْ إلَيْهَا قُرْبَ صَلَاتِهَا وَهَذَا نَقْلٌ مَعْلُومٌ غَيْرُ مُنْكَرٍ عِنْدَهُمْ وَلَا مَعْمُولَ بِغَيْرِهِ وَمَا كَانَ أَهْلُ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ يَتْرُكُ الْأَفْضَلَ إلَى غَيْرِهِ وَيَتَمَالَئُونَ عَلَى الْعَمَلِ بِأَقَلِّ الدَّرَجَاتِ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا أَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَشْهَدُ لَهُ انْتَهَى وَمَا أَدْرِي أَيْنَ الْعَمَلُ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ وَعُمَرُ يُنْكِرُ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التَّخَلُّفَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْدُبُ إلَى التَّبْكِيرِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَحَادِيثُ أَوْسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ بَكْرٍ وَابْتَكَرَ وَفِي آخِرِهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا وَهُوَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَصَحِيحَيْ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ وَقَدْ أَنْكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي التَّهْجِيرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ هَذَا خِلَافُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إلَى أَيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute