للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الْفَائِدَةِ الْأُولَى تَرْتِيبُ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ عَلَى خَمْسِ سَاعَاتٍ فَقَالَ الْجُمْهُورُ الْمُرَادُ بِهَذِهِ السَّاعَاتِ الْأَجْزَاءُ الزَّمَانِيَّةُ الَّتِي يُقَسَّمُ النَّهَارُ مِنْهَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ الشَّمْسِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ الْمُرَادُ بِهَا لَحَظَاتٌ لَطِيفَةٌ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَالْمُتَبَادِرِ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ السَّاعَاتُ الْمَعْرُوفَةُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَوْمُ «الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً فَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً» الْحَدِيثَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ هَكَذَا نَعَمْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً» الْحَدِيثُ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ وَفِيهِ «فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» وَهُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً» لَكِنْ لَا فِي مَعْرِضِ التَّبْكِيرِ بَلْ فِي مَعْرِضِ سَاعَةِ الْإِجَابَةِ لَكِنَّهُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي التَّبْكِيرِ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ أَنَّا إذَا خَرَجْنَا عَنْ السَّاعَاتِ الزَّمَانِيَّةِ لَمْ يَبْقَ لَنَا مُرَادٌ يَنْقَسِمُ فِيهِ الْحَالُ إلَى خَمْسِ مَرَاتِبَ بَلْ يَكُونُ مُقْتَضَاهُ تَفَاوُتُ الْفَضْلِ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ السَّبَقِ وَيَتَأَتَّى مِنْ هَذَا مَرَاتِبُ كَثِيرَةٌ جِدًّا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بِمَعْنَاهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت يُجْعَلُ الْوَقْتُ مِنْ التَّهْجِيرِ مُقَسَّمًا عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُرَادًا قُلْت يُشْكِلُ ذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الرُّجُوعَ إلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَقْسِيمِ السَّاعَاتِ إلَى اثْنَيْ عَشْرَ أَوْلَى.

(الثَّانِي) أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ التَّهْجِيرَ أَفْضَلُ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الْقَائِلَ قَائِلَانِ قَائِلٌ يَقُولُ بِتَرْتِيبِ مَنَازِلِ السَّابِقِينَ عَلَى غَيْرِ تَقْسِيمِ الْأَجْزَاءِ الْخَمْسَةِ وَقَائِلٌ يَقُولُ بِتَقْسِيمِ الْأَجْزَاءِ سِتَّةً إلَى الزَّوَالِ فَالْقَوْلُ بِتَقْسِيمِ هَذَا الْوَقْتِ إلَى خَمْسَةٍ إلَى الزَّوَالِ مُخَالِفٌ لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ بِهِ قَائِلٌ فَلْيُكْتَفَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ انْتَهَى وَاعْتَرَضَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِأُمُورٍ (أَحَدُهَا) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى السَّاعَاتِ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْدَ السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَتَطْوِي الْمَلَائِكَةُ الصُّحُفَ لِاسْتِمَاعِ الذِّكْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ السَّادِسَةِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>