للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مَثَلًا لَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ فَيَكُونُ التَّفَاوُتُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ بِحَسَبِ الصِّفَاتِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ «وَالنَّاسُ فِيهِ كَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً» وَكَذَا كَرَّرَ سَائِرَ الْمَذْكُورَاتِ بَعْدَ الْبَدَنَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْآتِيَيْنِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي التَّقَرُّبِ بِمُسَمَّى الْبَدَنَةِ اخْتَلَفَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ بَدَنَةَ السَّابِقِ أَعْظَمُ مِنْ بَدَنَةِ الْمُتَأَخِّرِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ تُضَاعَفُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً مَعَ صِدْقِ الْجَمَاعَةِ بِالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَبِالْعَدَدِ الْكَثِيرِ وَذَاتُ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ» فَفَضْلُ ذَاتِ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ عَلَى ذَاتِ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ بِكِبَرِ الدَّرَجَةِ مَعَ اشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي سَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْأَمْرُ الثَّالِثُ أَنَّهُ عَبَّرَ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا تَرْتِيبُ السَّابِقِينَ عَلَى خَمْسِ سَاعَاتٍ بِقَوْلِهِ ثُمَّ رَاحَ وَالرَّوَاحُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الرَّوَاحَ يُسْتَعْمَلُ لُغَةً فِي الذَّهَابِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ هُنَا أَرْجَحُ لِتَعْدَادِهِ هَذِهِ السَّاعَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ الزَّوَالِ خَمْسٌ مِنْهَا وَبِتَقْدِيرِ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ اخْتِصَاصُ الرَّوَاحِ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُسَمَّى الْقَاصِدُ إلَى الْجُمُعَةِ رَائِحًا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَصَدَ مَا يُفْعَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَهُوَ وَقْتُ الرَّوَاحِ كَمَا يُقَالُ لِقَاصِدِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ حَاجٌّ وَلِلْمُتَسَاوِمَيْنِ مُتَبَايِعَانِ وَمِثْلُ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ لَا يُنْكَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي ابْتِدَاءِ زَمَنِ التَّبْكِيرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ السَّاعَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي قُسِّمَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الدَّرَجَاتِ وَفَضْلُ السَّابِقِ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ وَاحْتَجَّ الْقَفَّالُ عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ السَّاعَاتِ الْمَذْكُورَةَ لَاسْتَوَى الْجَائِيَانِ فِي الْفَضْلِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ تَعَاقُبِهِمَا فِي الْمَجِيءِ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاخْتَلَفَ الْأَمْرُ بِالْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ وَلِتَفَاوُتِ الْجُمُعَةِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي لِمَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ فِيهِ الْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ السَّاعَاتُ الْمَعْرُوفَةُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الثَّانِي كَمَا يَقُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>