للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بَقَرَةً أَوْ شَاةً لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَطْلَقَ لَفْظَ الْهَدْيِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا فِي الْغَنَمِ أَيْضًا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجَازَ مَالِكٌ مَرَّةً الشَّاةَ وَمَرَّةً لَمْ يُجِزْهَا إلَّا أَنَّ مَنْ قَصَرَ النَّفَقَةَ عَلَى تَضْعِيفٍ مِنْهُ فِيهَا وَبَنَى الْقَاضِي الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ الْغَنَمَ هَلْ هِيَ مِنْ الْهَدْيِ أَمْ لَا.

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ الْتَزَمَ هَدْيًا مُطْلَقًا يَكْفِيهِ إخْرَاجُ الدَّجَاجَةِ وَالْبَيْضَةِ أَيْضًا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَيُنْسَبُ إلَى الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمُ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ النَّعَمُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ وَحَكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَيَحْتَجُّ لِهَذَا بِأَنَّ مَعْنَى الْإِهْدَاءِ هُنَا التَّصْدِيقُ لَا بِقَيْدِ الصَّدَقَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَالصَّدَقَةُ تَنْطَلِقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ هَلْ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ أَوْ وَاجِبِ الشَّرْعِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَيُحْمَلُ النَّذْرُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ مَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَهُوَ أَقَلُّ مُجْزِئٍ فِي الْأُضْحِيَّةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَصُورَةُ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ فَأَمَّا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ بَلْ جَزَمُوا بِانْصِرَافِ النَّذْرِ إلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ الْمُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَأَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَمَّا عَطَفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْهَدَايَا أَعْطَاهُ حُكْمَهُ فِي اللَّفْظِ كَقَوْلِهِمْ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا أَيْ وَحَامِلًا رُمْحًا فَكَأَنَّهُ قَالَ كَالْمُتَقَرِّبِ بِالصَّدَقَةِ بِدَجَاجَةٍ أَوْ بَيْضَةٍ وَأُطْلِقَ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ الْهَدْيِ لِتَقَدُّمِهِ وَتَجْنِيسِ الْكَلَامِ بِهِ انْتَهَى.

(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَدَنَةً وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِبِلَ لَفْظًا وَلَا نَوَاهَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْإِبِلُ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَعَلَ فِي مُقَابَلَتِهَا الْبَقَرَةَ وَالْكَبْشَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ قَسِيمَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ قِسْمًا مِنْهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ لِأَصْحَابِنَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

(أَحَدُهَا) تَعَيُّنُ الْإِبِلِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (وَثَانِيهَا) إجْزَاءُ بَقَرَةٍ وَسَبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ أَيْضًا (وَثَالِثُهَا) وَهُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ تَعَيُّنُ الْإِبِلِ عِنْدَ وُجُودِهَا وَإِجْزَاءُ الْبَقَرَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا وَإِجْزَاءُ الْغَنَمِ عِنْدَ عَدَمِهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ الْبَدَنَةِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ الْبُدْنَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ وَحْدَهَا وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرَى الْبَقَرَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>