. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ.
(الْوَجْهُ الثَّانِي) اُسْتُدِلَّ لَهُ بِحَدِيثِ إذَا قُلْت لِصَاحِبِك الْحَدِيثَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمُتَكَلِّمِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ التَّشْوِيشُ عَلَى السَّامِعِينَ وَالْمُتَكَلِّمُ سِرًّا كَالدَّاعِي سِرًّا فَهُوَ مُنْصِتٌ بَلْ سَاكِتٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَمِعٍ وَغَيْرَ مُنْصِتٍ فَحَدِيثُ الْبَابِ مُخَصِّصٌ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ.
(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَرْكَعْ وَالْخُطْبَةُ صَلَاةٌ مَرْدُودٌ مِنْ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ التَّحِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ شَغْلُ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ وَقَدْ حَصَلَ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا.
(الثَّانِي) مَا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ مِنْ الْفَرْقِ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَأَمَرَ الدَّاخِلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ بِصَلَاةِ التَّحِيَّةِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا صَاحِبُ الشَّرْعِ وَلَيْسَتْ الْخُطْبَةُ بِصَلَاةٍ حَقِيقَةً إجْمَاعًا وَنِهَايَةُ مَا قِيلَ إنَّ الْخُطْبَتَيْنِ بَدَلٌ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ فِيهَا مَا يَحْرُمُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْكَلَامِ وَالْعَمَلِ كَمَا زَعَمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْخَطِيبُ فِي أَثْنَائِهَا بِأَمْرٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْهَا وَيَنْزِلَ عَنْ الْمِنْبَرِ وَيَمْشِيَ وَيَشْرَبَ وَيَأْكُلَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّفْرِيقُ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رِفَاعَةَ قَالَ «انْتَهَيْت إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَكَ الْخُطْبَةَ حَتَّى انْتَهَى فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ خِلْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا فَقَعَدَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا» فَإِنْ قَالَ فَلَعَلَّ مَا عَلَّمَهُ لِلْأَعْرَابِيِّ مِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ قُلْنَا نَعَمْ يَجُوزُ لَكِنْ لَا تَجُوزُ الْمُخَاطَبَةُ بِالتَّعْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا النُّزُولُ وَالْمَشْيُ وَالصُّعُودُ عَلَى كُرْسِيٍّ آخَرَ مَعَ تُوَالِي ذَلِكَ فَهُوَ فِعْلٌ كَثِيرٌ وَجَوَّزَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْخُطْبَةَ مُحْدِثًا وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ إجْمَاعًا بَلْ جَوَّزَ أَحْمَدُ أَنْ يَخْطُبَ جُنُبًا ثُمَّ يَغْتَسِلَ وَيُصَلِّي بِهِمْ وَالصَّلَاةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْخُطْبَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا اسْتِدْبَارُهَا فَكَيْفَ يَسْتَوِيَانِ.
(الرَّابِعُ) قَوْلُهُ إنَّ هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ عَارَضَهُ أَقْوَى مِنْهُ جَوَابُهُ أَنَّ الْكُلَّ أَخْبَارُ آحَادٍ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الَّذِي يُعَارِضُهُ أَقْوَى مِنْهُ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ثَابِتٌ غَايَةَ الثُّبُوتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ إنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute