. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فِعَلَاءُ بِالْكَسْرِ مَمْدُودُ الْآخِرِ إلَّا حَوْلَاءُ أَيْ، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الْوَلَدِ، وَعِنَبَاءُ أَيْ لُغَةٌ فِي الْعِنَبِ، وَسِيَرَاءُ.
(الْخَامِسَةُ) إنْ فَسَّرْنَا السِّيَرَاءَ بِأَنَّهَا الْحَرِيرُ الْمَحْضُ، وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ حَكَاهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ حُلَّةٌ مِنْ حَرِيرٍ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «حُلَّةٌ مِنْ إسْتَبْرَقٍ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ مِنْ دِيبَاجٍ أَوْ حَرِيرٍ، وَفِي أُخْرَى حُلَّةُ سُنْدُسٍ قَالَ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْحُلَّةَ كَانَتْ حَرِيرًا مَحْضًا
فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ، وَإِبَاحَتِهِ لِلنِّسَاءٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَلَكِنِّي بَعَثْت بِهَا تُشَقِّقُهَا خُمُرًا بَيْنَ نِسَائِك، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ الْيَوْمَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ.
(السَّادِسَةُ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا الثَّوْبُ الَّذِي يُخَالِطُهُ حَرِيرٌ كَالسُّيُورِ فَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ الْخَزِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّرَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي أَنَّ الْمُرَجَّحَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْحَرِيرِ أَكْثَرَ وَزْنًا أَوْ اسْتَوَيَا، وَكَذَا قَالَ الْحَنَابِلَةُ إنَّ الْحُكْمَ لِلْأَغْلَبِ مِنْهُمَا، وَعِنْدَهُمْ فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا، وَجْهَانِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْأَشْبَهُ التَّحْرِيمُ انْتَهَى.
وَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي حَالَتَيْ الِاسْتِوَاءِ أَوْ نَقْصِ الْحَرِيرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ حَرِيرِهَا كَانَ أَكْثَرَ، وَهَذِهِ وَاقِعَةُ عَيْنٍ مُحْتَمِلَةٌ فَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال هَذَا إنْ لَمْ نُفَسِّرْ السِّيَرَاءَ بِالْحَرِيرِ الْمَحْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ، وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْخَزِّ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي قَتَادَةَ وَقَيْسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَغَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ وَشِبْلِ بْنِ عَوْفٍ وَشُرَيْحٍ أَنَّهُمْ لَبِسُوا الْخَزَّ، وَقَالَ عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ أَتَتْ مَرْوَانَ مَطَارِفُ مِنْ خَزٍّ فَكَسَاهَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَسَا أَبَا هُرَيْرَةَ مُطْرَفًا مِنْ خَزٍّ أَغْبَرَ فَكَانَ يُثْنِيهِ مِنْ سَعَتِهِ، وَكَسَتْ عَائِشَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute