للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِي الْإِسْرَاعِ.

{السَّادِسَةُ} يُسْتَثْنَى مِنْ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ مَا إذَا خِيفَ أَنْ يَحْدُثَ مِنْ الْإِسْرَاعِ لَهُ تَغَيُّرٌ أَوْ انْفِجَارٌ فَلَا يُسْرَعُ بِهِ، صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ كَانَ بِالْمَيِّتِ عِلَّةٌ يُخَافُ أَنْ يَتَنَجَّسَ مِنْهُ شَيْءٌ أَحْبَبْت أَنْ يُرْفَقَ بِالْمَشْيِ انْتَهَى.

وَعَلَى هَذَا حَمْلُ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ الْإِسْرَاعَ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

{السَّابِعَةُ} فِيهِ تَعْلِيلُ الْأَمْرِ بِالْإِسْرَاعِ بِتَقْدِيمِ الصَّالِحَةِ إلَى الْخَيْرِ وَالتَّعْجِيلِ بِوَضْعِ غَيْرِ الصَّالِحَةِ عَنْ الرِّقَابِ، وَقَدْ أُشِيرَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ إلَى تَعْلِيلِهِ بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ الْيَهُودِ خَاصَّةً فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اتَّبَعَ جِنَازَةً قَالَ انْبَسِطُوا بِهَا وَلَا تَدِبُّوا دَبِيبَ الْيَهُودِ بِجَنَائِزِهَا» كَذَا حَكَاهُ عَنْ الْمُسْنَدِ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي، وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ أَوْصَى إذَا أَنَا مِتَّ فَأَسْرِعُوا وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا تُهَوِّدُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولَ اُرْفُقُوا بِهَا رَحِمَكُمْ اللَّهُ فَقَالَ هَوِّدُوا لَتُسْرِعُنَّ بِهَا أَوْ لَأَرْجِعَنَّ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ كَانَ يُقَالُ انْبَسَطُوا بِجَنَائِزِكُمْ وَلَا تَدِبُّوا بِهَا دَبَّ الْيَهُودِ.

وَعَنْ عَلْقَمَةَ لَا تَدِبُّوا بِالْجِنَازَةِ دَبِيبَ النَّصَارَى.

١ -

{الثَّامِنَةُ} قَوْلُهُ «فَإِنْ كَانَ صَالِحًا» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ كَانَ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَصْحَابِ الْكُتُبِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً وَيَبْقَى الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إلَيْهِ عَائِدًا عَلَى مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ صَرِيحًا لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ وَالْمَعْنَى قَدَّمْتُمُوهُ إلَى جَزَاءِ عَمَلِهِ الصَّالِحِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ اسْمَ كَانَ ضَمِيرٌ عَلَى الْعَمَلِ أَيْ فَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْعَمَلِ ذِكْرٌ لَكِنْ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَبْقَى الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إلَيْهِ عَائِدًا عَلَى مَذْكُورٍ وَهُوَ الْعَمَلُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ سِوَى ذَلِكَ يَحْتَمِلُ تَمَامَ كَانَ وَنُقْصَانَهَا وَبِتَقْدِيرِ نُقْصَانِهَا فَيَجِيءُ فِي اسْمِهَا الِاحْتِمَالَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَقَوْلُهُ فَشَرٌّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَهُوَ شَرٌّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً صَحَّ الِابْتِدَاءُ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً لِاعْتِمَادِهِ عَلَى صِفَةٍ مُقَدَّرَةٍ أَيْ شَرٌّ عَظِيمٌ وَقَوْلُهُ تَضَعُونَهُ عَلَى هَذَا خَبَرٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ صِفَةٌ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ «فَإِنْ يَكُ صَالِحًا» يَتَرَجَّحُ فِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ قَبْلَهُ الْجِنَازَةُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فَفِي قَوْلِهِ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ عَائِدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْعَقْلُ أَوْ أَجْزَاؤُهُ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ «خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ» مَا جَوَّزْنَاهُ فِي قَوْلِهِ «فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَحَذْفُ الْفَاءِ مِنْ قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>