للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

«فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ» كَذَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ. (الَّتِي) وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا الَّذِي وَهُوَ أَوْضَحُ وَأَظْهَرُ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَوْلُهُ وَنِوَاءً بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْمَدِّ أَيْ مُنَاوَاةً وَمُعَادَاةً، وَقَوْلُهُ «رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أَيْ أَعَدَّهَا لِلْجِهَادِ وَأَصْلُهُ مِنْ الرَّبْطِ وَمِنْهُ الرِّبَاطُ وَهُوَ حَبْسُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِي الثَّغْرِ وَإِعْدَادُهُ الْأُهْبَةَ لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ «ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا» اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْخَيْلُ كُلُّهَا ذُكُورًا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَخْرَجَ رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ كَذَا حَكَاهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ إنْ كَانَتْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَإِنْ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا زَكَاةَ فِي الْخَيْلِ بِحَالٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُجَاهِدُ بِهَا إذَا تَعَيَّنَ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ فِي رِقَابِهَا الْإِحْسَانُ إلَيْهَا وَالْقِيَامُ بِعَلَفِهَا وَسَائِرِ مُؤَنِهَا وَالْمُرَادُ بِظُهُورِهَا إطْرَاقُ فَحْلِهَا إذَا طُلِبَ مِنْهُ إعَارَتُهُ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ حَقُّ اللَّهِ مِمَّا يَكْسِبُهُ مِنْ مَالِ الْعَدُوِّ عَلَى ظُهُورِهَا وَهُوَ خُمْسُ الْغَنِيمَةِ.

(الْعِشْرُونَ) إنْ قُلْت قَالَ فِي كُلٍّ مِنْ السِّتْرِ وَالْأَجْرِ رَبْطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ قُلْت السِّتْرُ رَبْطُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِنَفْسِهِ وَالْأَجْرُ رَبْطُهَا فِي سَبِيلِ اللَّه لِغَيْرِهِ لَيُعِينَ بِهَا الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْأَجْرِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ.

(الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) الْمَرْجُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْجِيمِ الْمَوْضِعُ الْوَاسِعُ الَّذِي فِيهِ نَبَاتٌ تَرْعَاهُ الدَّوَابُّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَمْرُجُ فِيهِ أَيْ تَرُوحُ وَتَجِيءُ وَتَذْهَبُ كَيْفَ شَاءَتْ، وَالرَّوْضَةُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ الْمَاءُ فَيَكُونُ فِيهِ صُنُوفُ النَّبَاتِ مِنْ رَيَاحِينِ الْبَادِيَةِ وَغَيْرِهَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ مُعَدٌّ لِرَعْيِ الدَّوَابِّ وَلِذَلِكَ يَكُونُ وَاسِعًا لِيَتَأَتَّى لَهَا فِيهِ ذَلِكَ، وَالرَّوْضَةُ لَيْسَتْ مُعَدَّةٌ لِرَعْيِ الدَّوَابِّ وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّنَزُّهِ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ أَصْنَافِ النَّبَاتِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَحَرَّرُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَصَحَّ عَطْفُ الرَّوْضَةِ عَلَى الْمَرْجِ وَكَذَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَطْفُ الرَّوْضَةِ أَوَّلًا بِالْوَاوِ وَثَانِيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>