للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

لِأَنَّهَا رُكِّزَتْ فِي الْأَرْضِ أَيْ ثُبِّتَتْ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالْقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا اللُّغَةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَرْكُوزٌ فِي الْأَرْضِ أَيْ ثَابِتٌ يُقَالُ رَكَّزَهُ يُرَكِّزُهُ رَكْزًا إذَا دَفَنَهُ وَالْحَدِيثُ إنَّمَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْكَنْزُ الْجَاهِلِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ الْخُمُسُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ وَسُهُولَةِ أَخْذِهِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حَقِيقَةُ رَكْزِ الْإِثْبَاتِ وَالْمَعْدِنِ ثَابِتٌ خِلْقَةً وَمَا يُدْفَنُ ثَابِتٌ بِتَكَلُّفِ مُتَكَلِّفٍ، قُلْت، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَطَفَ الرِّكَازَ عَلَى الْمَعْدِنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمًا، وَلَوْ كَانَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ لَجَمَعَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ «وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ» وَفِيهِ الْخُمُسُ وَقَالَ «الرِّكَازُ جُبَارٌ وَفِيهِ الْخُمُسُ» فَلَمَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا دَلَّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الرِّكَازُ الْمَدْفُونُ دَفْنَ الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ الْمَعَادِنِ وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ الرِّكَازُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ وَالْمَعْدِنُ جَمِيعًا وَفِيهِمَا جَمِيعًا الْخُمُسُ انْتَهَى وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ فَقَالَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الرِّكَازُ أَمْوَالُ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمَدْفُونَةُ فِي الْأَرْضِ وَالذَّهَبُ بِعَيْنِهِ يُصِيبُهُ الرَّجُلُ فِي الْمَعْدِنِ انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ لِكَوْنِهِ خَصَّهُ فِي الْمَعْدِنِ بِالذَّهَبِ بِعَيْنِهِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي ذَهَبِ الْمَعْدِنِ وَفِضَّتِهِ الْخُمُسُ وَلَا شَيْءَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ غَيْرُهُمَا.

(الثَّامِنَةُ) فِيهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيمَا وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ دَفِينِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ ذَلِكَ إلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يُوجَدُ مِنْهُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَأَرْضِ الْعَرَبِ فَأَوْجَبَ الْخُمُسَ فِيهِ إذَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَإِذَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ انْتَهَى. وَحَكَى ابْنُ قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ حَكَى كَلَامَ ابْنِ الْمُنْذِرِ الْمُتَقَدِّمَ قَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى ضَرْبِهِمْ أَوْ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى ضَرْبِهِمْ كَوْنُهُ مِنْ دَفْنِهِمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ بِكَنْزِ جَاهِلِيٍّ فَكَنَزَهُ ثَانِيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>