للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فَقَدْ كَانَ يَرْقَى الْمِنْبَرَ فِيمَا يَهُمُّ مِنْ حَادِثَةٍ وَمَوْعِظَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

{الرَّابِعَةُ} فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهَا الْمُتَعَفِّفَةُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِ رِوَايَةِ الْمُنْفِقَةِ وَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ الرِّوَايَتَيْنِ فَالْمُنْفِقَةُ أَعْلَى مِنْ السَّائِلَةِ وَالْمُتَعَفِّفَةُ أَعْلَى مِنْ السَّائِلَةِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَفِيهِ تَأْوِيلٌ ثَالِثٌ أَنَّ السُّفْلَى الْمَانِعَةُ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ الْعُلْيَا الْآخِذَةُ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ كَانَتْ فَوْقَ السُّفْلَى قَالَ الْقَاضِي وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ يَرُدُّهُمَا مَا نَصَّ فِي الْحَدِيثِ مِنْ التَّفْسِيرِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَقَالَةَ الْخَطَّابِيِّ إنَّهَا الْمُتَعَفِّفَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْعُلْيَا الْآخِذَةُ وَالسُّفْلَى الْمَانِعَةُ حَكَاهُ الْقَاضِي انْتَهَى وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمَا مَقَالَةٌ لِقَائِلٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ عَرَفْت مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُمَا مَقَالَتَانِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْعُلْيَا هِيَ الْآخِذَةُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصُّوفِيَّةِ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مُصَادِمٌ لِنَصِّ الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ لَيْسَتْ السُّفْلَى وَالْعُلْيَا الْمُعْطَاةُ وَالْمُعْطِيَةُ بِغَيْرِ مَسْأَلَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ السَّائِلَةُ وَالْمَسْئُولَةُ وَلَيْسَتْ كُلُّ سَائِلَةٍ تَكُونُ خَيْرًا مِنْ الْمَسْئُولَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ سَأَلَ وَأَظْهَرَ مِنْ الْفَقْرِ فَوْقَ مَا بِهِ وَأَمَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَوْ لِيُكَافِئَ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَطْعَمَ الْخَضِرُ وَمُوسَى أَهْلَ الْقَرْيَةِ. قَالَ الْقَاضِي وَمَا قَالَهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ لِلْمُعْطِيَةِ وَالْأَجْرَ.

وَأَمَّا مَنْ سَأَلَ مُظْهِرًا لِلْفَقْرِ فَسُؤَالُهُ حَرَامٌ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ فِي مِثْلِهِ بَلْ فِيمَنْ يَجُوزُ سُؤَالُهُ انْتَهَى.

وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْيَدُ الْعُلْيَا وَالْيَدُ السُّفْلَى الْمَانِعَةُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْخَطَّابِيَّ رَجَّحَ كَوْنَ الْعُلْيَا الْمُتَعَفِّفَةَ بِحَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لِقَوْلِهِ لَمَّا سَمِعَ هَذَا: وَمِنْك يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَمِنِّي، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَك شَيْئًا، قَالَ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَلَى حَكِيمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ يَدَهُ خَيْرٌ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا فُهِمَ أَنَّهَا الْمُتَعَفِّفَةُ قَالَ الْقَاضِي هَذَا لَا يَظْهَرُ مِنْ الْحَدِيثِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ حَكِيمًا إنَّمَا رَاعَى ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا فِي حَقِّهِ «وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا عَابَ عَلَى حَكِيمٍ كَثْرَةَ السُّؤَالِ» ؛ لِأَنَّ فِيهِ سَأَلْته فَأَعْطَانِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ انْتَهَى قُلْت «فَهِمَ حَكِيمٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَمَّ الْأَخْذِ فَقَالَ وَمِنْك أَيْ وَلَوْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْك

<<  <  ج: ص:  >  >>