للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

لَا يُبَاعُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَصْلُحْ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ صَلَحَ لِلْحَمْلِ وَكُلٌّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ انْتَهَى.

وَهَذَا الَّذِي نَقَلْته عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ تَبِعْت فِيهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَعَكَسَ ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَنَقَلَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْعَ بَيْعِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَنْ مَالِكٍ تَجْوِيزُهُ، وَبَقِيَ مِنْ احْتِمَالَاتِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَنْ يَكُونَ إعْطَاؤُهُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَهَذَا مَدْفُوعٌ بِكَوْنِهِ بَاعَهُ فَإِنَّ الْعَارِيَّةَ مَرْدُودَةٌ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ كَمَا أَنَّ احْتِمَالَ الْوَقْفِ مَدْفُوعٌ بِذَلِكَ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي قَوْلِهِ هِيَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ لَك.

{الثَّالِثَةُ} قَوْلُهُ (لَا تَبْتَعْهُ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك) نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ فَيُكْرَهُ لِمَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ أَوْ أَخْرَجَهُ فِي زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرُبَاتِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِمَّنْ دَفَعَهُ هُوَ إلَيْهِ أَوْ يَتَّهِبَهُ أَوْ يَتَمَلَّكَهُ بِاخْتِيَارِهِ مِنْهُ، فَأَمَّا إذَا وَرِثَهُ مِنْهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ إلَى ثَالِثٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ الْمُتَصَدِّقُ فَلَا كَرَاهَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ النَّهْيُ عَنْ شِرَاءِ صَدَقَتِهِ لِلتَّحْرِيمِ انْتَهَى.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَكُلُّ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ طَابَتْ لَهُ إلَّا ابْنَ عُمَرَ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَحْبِسُهَا إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ وَتَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يَحْتَمِلُ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ وَرَعًا لَا أَنَّهُ رَآهُ وَاجِبًا وَحَكَى وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَةَ شِرَائِهِ مِنْ ثَالِثٍ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ عَلَيْهِ لِرُجُوعِهِ فِيمَا تَرَكَهُ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا حَرُمَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ سُكْنَى مَكَّةَ بَعْدَ هِجْرَتِهِمْ مِنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى (فَإِنْ قُلْت) مَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ» الْحَدِيثُ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُد بِذِكْرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِيهِ (قُلْت) فِيهِ وَجْهَانِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَاهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا الْمُتَصَدِّقُ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا الْمُتَصَدِّقُ بِهَا مِنْ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا عَلَيْهِ رُبَّمَا حَابَاهُ فِي ثَمَنِهَا لِمِنَّتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>