للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ الْمَقْدِسِيَّ وَلَوْ حَدُّوهُ بِالْعَصْرِ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي عُمَرَ كَيْسَانَ الْقَصَّابِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ مَوْلَاهُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ (إذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ) وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَك السِّوَاكُ إلَى الْعَصْرِ فَإِذَا صَلَّيْت الْعَصْرَ فَأَلْقِهِ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» (قُلْت) لَا نُسَلِّمُ لِأَبِي شَامَةَ أَنَّ تَحْدِيدَهُ بِالْعَصْرِ أَوْلَى بَلْ إمَّا أَنْ يَحِدَّ بِالظُّهْرِ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ اسْمُ آخِرِ النَّهَارِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِدُخُولِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ النَّهَارِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُؤَقَّتُ بِحَدٍّ مُعَيَّنٍ بَلْ يُقَالُ يَتْرُكُ السِّوَاكَ مَتَى عَرَفَ أَنَّ تَغَيُّرَ فَمِهِ نَاشِئٌ عَنْ الصِّيَامِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَبِاخْتِلَافِ بُعْدِ عَهْدِهِ بِالطَّعَامِ وَقُرْبِ عَهْدِهِ بِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَسَحَّرْ أَوْ تَسَحَّرَ فَالتَّحْدِيدُ بِالْعَصْرِ لَا يَشْهَدُ لَهُ مَعْنَى وَلَا فِي عِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يُسَاعِدُهُ وَالْأَثَرُ الْمَنْقُولُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقْتَضِي التَّحْدِيدَ بِالزَّوَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الْعَشِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَيْسَانُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ غَيْرُ مَعْرُوفٍ انْتَهَى.

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ مَذْهَبٌ ثَانٍ غَيْرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَنَحْكِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ وَافَقَ الشَّافِعِيَّةَ عَلَى التَّحْدِيدِ بِالزَّوَالِ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَا يُسَنُّ السِّوَاكُ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَهَلْ يُكْرَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ اهـ وَإِحْدَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا تَوَسُّطٌ نَفَتْ الِاسْتِحْبَابَ وَلَمْ تُثْبِتْ الْكَرَاهَةَ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ كُرِهَ ذَلِكَ آخِرَ النَّهَارِ، الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ انْتَهَى وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَفَرَّقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَكَرِهَهُ فِي الْفَرْضِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَكْرَهْهُ فِي النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَحَكَاهُ الْمَسْعُودِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَدْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ مَذَاهِبُ.

(الْأَوَّلُ) الْكَرَاهَةُ بَعْدَ الزَّوَالِ مُطْلَقًا.

(الثَّانِي) الْكَرَاهَةُ آخَرَ النَّهَارِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالزَّوَالِ.

(الثَّالِثُ) تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ.

(الرَّابِعُ) نَفْيُ اسْتِحْبَابِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ الْكَرَاهَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>