. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قِيلَ سَبَبُ إضَافَتِهِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُعْبَدْ بِهِ أَحَدٌ سِوَاهُ فَلَمْ تُعَظِّمْ الْكُفَّارُ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ مَعْبُودًا لَهُمْ بِالصِّيَامِ وَإِنْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ بِصُورَةِ الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالصَّدَقَةِ وَالذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَنَقَضَهُ بَعْضُهُمْ بِأَرْبَابِ الِاسْتِخْدَامَاتِ فَإِنَّهُمْ يَصُومُونَ لِلْكَوَاكِبِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا بِنَقْضٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَ الِاسْتِخْدَامَاتِ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْكَوَاكِبَ آلِهَةٌ، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ إنَّهَا فَعَّالَةٌ بِأَنْفُسِهَا وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مَخْلُوقَةً.
(ثَامِنُهَا) أَنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْإِضَافَةِ أَنَّ سَائِرَ الْعَادَاتِ يُوَفَّى مِنْهَا مَا عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الْحُقُوقِ إلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ يَبْقَى مُوَفَّرًا لِصَاحِبِهِ لَا يُوَفَّى مِنْهُ حَقٌّ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ، وَقَدْ كُنْت أَسْتَحْسِنُهُ إلَى أَنْ فَكَّرْت فِي حَدِيثِ الْمُقَاصَّةِ فَوَجَدْت فِيهِ ذِكْرَ الصَّوْمِ فِي جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ الْمَذْكُورَةِ لِلْأَخْذِ مِنْهَا فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ «الْمُفْلِسُ الَّذِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ وَصِيَامٍ وَيَأْتِي وَقَدْ شَتَمَ هَذَا» الْحَدِيثَ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصِّيَامَ يُؤْخَذُ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ انْتَهَى.
(قُلْت) إذَا صَحَّ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى هَذَا الْعُمُومِ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَقَلَّ التَّضْعِيفِ عَشْرَةُ أَمْثَالٍ وَغَايَتُهُ سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦١] فَقِيلَ الْمُرَادُ يُضَاعِفُ هَذَا التَّضْعِيفَ وَهُوَ السَّبْعُمِائَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ يُضَاعِفُ فَوْقَ السَّبْعِمِائَةِ لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ وَرَدَ التَّضْعِيفُ بِأَكْثَرَ مِنْ السَّبْعِمِائَةِ فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّ مَنْ قَالَ فِي سُوقٍ مِنْ الْأَسْوَاقِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كُتِبَتْ لَهُ أَلْفُ أَلْفُ حَسَنَةٍ» الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ مَاشِيًا حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ لِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعُمِائَةِ حَسَنَةٍ كُلُّ حَسَنَةٍ مِثْلُ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ، قِيلَ وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ» أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute