للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت «فَاقْدِرُوا لَهُ» إلَّا ابْنَ عُمَرَ

وَحْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَاقْدِرُوا لَهُ» ضَيِّقُوا لَهُ وَقَدِّرُوهُ تَحْتَ السَّحَابِ وَمَنْ قَالَ بِهَذَا أَوْجَبَ الصِّيَامَ مِنْ الْغَدِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا كَانَ فِي مَحَلِّ الْهِلَالِ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُ مِنْ غَيْمٍ وَغَيْرِهِ.

وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا كَانَ شَعْبَانُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ نَظَرَ لَهُ فَإِنْ رَأَى فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرَةٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرَةٌ أَصْبَحَ صَائِمًا قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ وَلَا يَأْخُذُ بِهَذَا الْحِسَابِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا الصَّنِيعَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ وَلَا يَأْخُذُ بِهَذَا الْحِسَابِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ (قُلْت) وَكَأَنَّ الرَّاوِيَ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى النَّقْضِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فِي كَوْنِهِ قَالَ بِمَا يَقْتَضِي حُمِلَ التَّقْدِيرُ عَلَى التَّضْيِيقِ وَتَقْدِيرُهُ تَحْتَ السَّحَابِ فِي إحْدَى الصُّورَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى وَلَوْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَصَّلَ بَيْنَهُمَا كَيْفَ «وَقَدْ نَبَّهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا بِنَهْيِهِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ» . وَقَدْ تَبِعَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَصْنِيفٍ لَهُ سَمَّاهُ دَرْءُ اللَّوْمِ وَالضَّيْمِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَالْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ الْغِفَارِيِّ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ ابْنَتَيْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ وَقَالَ بِهِ مِنْ كُبَرَاءِ التَّابِعِينَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٌ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ فِي آخَرِينَ حَكَاهُ عَنْهُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَرَدَّ عَلَيْهِ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ فَذَكَرَ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعَةٌ فَإِنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ مَكْحُولٍ عَنْهُ وَلَمْ يُدْرِكْهُ وَأَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ إنَّمَا نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَصُومُ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ. قَالَ وَالِدِي وَهُوَ مُنْقَطِعٌ ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ عِنْدَ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَا فِي الْغَيْمِ كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ

مُبَيِّنًا، وَلَا يَحِلُّ الِاخْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى قَالَ وَالِدِي وَالْمَعْرُوفُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>