. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ قَدِّرُوهُ بِحِسَابِ الْمَنَازِلِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَآخَرُونَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رُوِيَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَنْهُ وَلَوْ صَحَّ مَا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ عَلَيْهِ لِشُذُوذِهِ فِيهِ وَلِمُخَالَفَةِ الْحُجَّةِ لَهُ ثُمَّ حَكَى عَنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ مِثْلَهُ، وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَلَا هُوَ مِمَّنْ يَعْرُجُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ حَكَى عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ فِي كُتُبِهِ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خِلَافُهُ (قُلْت) لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَصْلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبَالَغَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْمُعَارَضَةِ فِي إنْكَارِهِ مَقَالَةَ ابْنِ سُرَيْجٍ هَذِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حِسَابَ الْمُنَجِّمِينَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَوْ كُلِّفُوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا أَفْرَادٌ وَالشَّرْعُ إنَّمَا يُعَرِّفُ النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُهُ جَمَاهِيرُهُمْ وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ قَوْلَهُ فَاقْدِرُوا خِطَابٌ لِمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِهَذَا الْعِلْمِ، وَقَوْلُهُ «فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ» خِطَابٌ لِلْعَامَّةِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَكَأَنَّ وُجُوبَ رَمَضَانَ جَعَلَهُ مُخْتَلِفَ الْحَالِ يَجِبُ عَلَى قَوْمٍ بِحِسَابِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَعَلَى آخَرِينَ بِحِسَابِ الْجُمَلِ، إنَّ هَذَا لَبَعِيدٌ عَنْ النُّبَلَاءِ فَكَيْفَ عَنْ الْعُلَمَاءِ؟
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَعْرِفَةُ مَنَازِلِ الْقَمَرِ هُوَ مَعْرِفَةُ سَيْرِ الْأَهِلَّةِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحِسَابِ عَلَى مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الدَّرْسِ فَالْحِسَابُ أَمْرٌ دَقِيقٌ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْآحَادُ، وَالْمَعْرِفَةُ بِالْمَنَازِلِ كَالْمَحْسُوسِ يَشْتَرِكُ فِي ذِكْرِهِ الْجُمْهُورُ مِمَّنْ يُرَاقِبُ النُّجُومَ، انْتَهَى.
فَمَعْرِفَةُ مَنَازِلِ الْقَمَرِ هِيَ الَّتِي قَالَ بِهَا ابْنُ سُرَيْجٍ ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهَا فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا قَالَ بِهَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ بِهَا خَاصَّةً وَلَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْعَارِفِ بِهَا، وَإِنَّمَا قَالَ بِجَوَازِهِ لَهُ كَذَا ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ عَنْهُ وَنَقَلَ الْجَوَازَ أَيْضًا عَنْ اخْتِيَارِ الْقَفَّالِ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، وَحَكَى الشَّيْخُ فِي الْمَذْهَبِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ لُزُومَ الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْحَاسِبِ وَالْمُنَجِّمِ وَنَظَرْت فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنْفُسِهِمَا وَإِلَى غَيْرِهِمَا وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ حَصَلَ لَك فِي ذَلِكَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْجُهٌ جَمَعَهَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ مُلَخَّصَةً بَعْدَ بَسْطِهَا (أَصَحُّهَا) لَا يَلْزَمُ الْحَاسِبُ وَلَا الْمُنَجِّمُ وَلَا غَيْرُهُمَا بِذَلِكَ وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُمَا دُونَ غَيْرِهِمَا وَلَا يُجْزِيهِمَا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute