. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
كَانَ مِمَّنْ لَا تُحَرِّكُ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ فَفِي الْكَرَاهَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ.
(الْقَوْلُ السَّادِسُ) التَّفْرِقَةُ بَيْنَ صِيَامِ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَيُكْرَهُ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُقَبِّلُ فِي شَهْرِ الصَّوْمِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «كَانَ يُقَبِّلُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ» فَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ مُطْلَقًا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْأَصْلُ اسْتِوَاءُ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَأَنَّ أَفْعَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَرْعٌ يُقْتَدَى بِهِ فِيهَا وَاحْتَجَّ مَنْ كَرِهَ مُطْلَقًا بِأَنَّ غَيْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُسَاوِيهِ فِي حِفْظِ نَفْسِهِ عَنْ الْمُوَاقَعَةِ بَعْدَ مَيْلِهِ إلَيْهَا فَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا خَاصًّا بِهِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهَا وَأَيُّكُمْ كَانَ أَمْلَكَ لِإِرْبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَرُدُّهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ «سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلْ هَذِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لِأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ هَذَا هُوَ الْحِمْيَرِيُّ. كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَلَيْسَ هُوَ ابْنُ أُمِّ سَلِمَةَ وَاحْتَجَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ أَوْ بَيْنَ مَنْ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ الْمُوَاقَعَةَ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَأْمَنُهَا بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ آمِنًا مِنْ ذَلِكَ لِشِدَّةِ تَقْوَاهُ وَوَرَعِهِ فَكُلُّ مَنْ أَمِنَ ذَلِكَ كَانَ فِي مَعْنَاهُ فَالْتَحَقَ بِهِ فِي حُكْمِهِ وَمَنْ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ مُغَايِرٌ لَهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَهَذَا أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ شَابٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ لَا، فَجَاءَ شَيْخٌ فَقَالَ أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَنَظَرَ بَعْضُنَا إلَى بَعْضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَلِمْتُ لِمَ نَظَرَ بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ، إنَّ الشَّيْخَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ» فِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ مُخْتَلَفُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَلَكِنْ بَدَلُ الْقُبْلَةِ الْمُبَاشَرَةُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ كَرِهَ الْقُبْلَةَ لَمْ يَكْرَهَا لِنَفْسِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute