للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسْمَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ انْتَهَى.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا الَّذِي اكْتَسَبَهُ وَأَعْطَاهُ لَهَا فِي نَفَقَتِهَا فَلَهَا الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي إنْفَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ مِلْكِهَا وَلَهُ الْأَجْرُ بِاكْتِسَابِهِ وَدَفْعِهِ لَهَا كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «حَتَّى مَا تَجْعَلُهُ فِي فِي امْرَأَتِك» فَجَعَلَ لَهُ الْأَجْرَ فِيمَا أَعْطَاهُ لَهَا فَكَيْفَ مَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَصَدَّقَتْ بِهِ فَكَانَ بِاكْتِسَابِهِ سَبَبًا لِتِلْكَ الصَّدَقَةِ وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا؟ قَالَ لَا إلَّا مِنْ قُوتِهَا وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَهَذَا إمَّا مَرْفُوعٌ إنْ كَانَ لَا يُقَالُ مِثْلُهُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَإِمَّا مَوْقُوفٌ لَكِنَّهُ مِنْ كَلَامِ رَاوِي الْحَدِيثِ فَهُوَ أَعْلَمُ بِتَفْسِيرِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد عَقِبَ رِوَايَتِهِ هَذَا يُضَعِّفُ حَدِيثَ هَمَّامٍ كَذَا حَكَى الْمُزَنِيّ فِي الْأَطْرَافِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَصْلِنَا مِنْ السُّنَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ» أَيْ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ» فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ «عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ: كُنْت مَمْلُوكًا فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ نَعَمْ وَالْأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ «أَمَرَنِي مَوْلَايَ أَنْ أُقَدِّدَ لَحْمًا فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ فَأَطْعَمْته مِنْهُ فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلَايَ فَضَرَبَنِي فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَدَعَاهُ فَقَالَ لِمَ ضَرَبْته؟ قَالَ يُعْطِي طَعَامِي بِغَيْرِ أَنْ آمُرَهُ، قَالَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا» وَهَذِهِ الْمُنَاصَفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَظَاهِرِهَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ لِهَذَا ثَوَابًا وَلِهَذَا ثَوَابًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ، وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ، وَقَوْلُهُ هُنَا نِصْفَانِ مَعْنَاهُ قِسْمَانِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ

إذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ ... شَامِتٌ وَآخَرُ مُثْنٍ بِاَلَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ

فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ لِخَازِنِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوَصِّلَهَا إلَى مُسْتَحِقِّ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>