ثم بين الشافعي -رضي الله عنه- أن النهي في هذِه الأوقات لا يعمّ كل صلاة؛ وإنما هو في التطوعات المطلقة، فإذا تذكر فائتة في هذه الأوقات فلا منع من قضائها، ففي "الصحيح" من رواية أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من نسي صلاة أو نام عنها فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها"(١).
والاستدلال بحديث ابن المسيب بقوله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} ظاهر على قراءة من قرأ "للذكرى" أي: لذاكرها، ويمكن أن تقرأ مع طرح اللام فتفتح الراء تنزيلًا على هذا المعنى، وإنما على القراءة المشهورة فالملائم لمقصود الحديث أن يجعل المعنى لذكر أمري بها وإيجابي لها، فإذا تذكر فائتة فقد تذكر إيجاب الله تعالى الإتيان بها.
والتعريس: النزول والنوم في آخر الليل، وقيل: النزول للقيلولة أيضًا تعريس، ومنهم من قال: النزول في أي وقت كان للنوم تعريس.
وفي الحديث دليل على أنه لا بأس بالنوم وإن قرب وقت الصلاة المستقبلة ولم يؤمن فواتها بدوام النوم، وعلى أنه يستحب أن يُوكَّل من يراقب الوقت لينبّه النائمين، وعلى أن الراتب يقضى، وعلى أنه لا بأس بالفصل بين ركعتي الفجر ومكتوبته، وعلى أنه لا يجب القضاء على الفور.
وقوله:"فلم يفزعوا إلا بحرّ الشمس" قال الخطابي: أي لم ينتبهوا، يقال: أفزعته ففزع، أي: أنبهته فانتبه، ويجوز أن يحمل على خوفهم لفوات الصلاة من المؤاخذة أو نقصان الثواب.