للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويدل على أنه إذا فضل بعضهم على بعض تقذف الهبة وإن عدل عن المأمور خلافًا لسفيان الثوري وداود؛ لأنه قال: "فارجعه" ولو لم ينفذ تصرفه وبقي المال على ملكه لما احتاج إلى أن يرجع، وأيضًا فقد قال: "أشهد على هذا غيري" ولو كان لغوًا لما أمر بالإشهاد عليه، وتسميته جورًا لما فيه من الميل والعدول عن الأفضل والأحسن، وتدل أيضًا على أن للأب أن يرجع فيما وهب من ولده، والأولى أن لا يفعل ذلك إلا لغرض صحيح ويدل عليه حديث طاوس.

وفيه دليل على أن الأجنبي لا يرجع فيما وهب من الأجنبي، وقد روي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العائد في هبته كالعائد في قيئه" (١). والعود في القيء حرام، وفرق بين الأب والأجنبي بأن يدّ الولد كيدّ الوالد؛ ألا ترى أنه لا حدّ بوطء جاريته، ولا يقطع بسرقة ماله؛ فكان الوالد في الهبة من الولد في معنى من وهب ولم يقبض.

[الأصل]

[٨٤٩] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أنها قالت: جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواقٍ في كل عام أوقية فأعينيني، فقالت لها عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عددتها ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ذلك فأبوا عليها، فجاءت من عند أهلها ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت: إني عرضت عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته عائشة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذيها


(١) رواه البخاري (٢٦٢١)، ومسلم (١٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>