للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقاتلون عليها، وأن قوله: "وحسابهم على الله" يعني فيما يستسرون به دون ما يخلون به من الأحكام الواجبة عليهم في الظاهر، وأن فيه دليلًا على أن المستسر بكفره لا يتعرض له إذا كان ظاهره الإِسلام وتقبل توبته إذا أظهر [... (١) ..] كان يستسر به، وبين الشافعي -رضي الله عنه- في كتابه "اختلاف الحديث" (٢) أن قوله: "لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" من الكلام الذي مخرجه عام ويراد به الخاص، والمقصود منه أهل الأوثان، فأما أهل الكتاب فإنهم يقاتلون إلى أن يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يدٍ على ما فصله في حديث بريدة، وهذا كما أن الله تعالى قال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآية (٣). فنزل عليه مطلق قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} الآية (٤).

وحديث بريدة صحيح أيضًا: أخرجه مسلم (٥) من رواية سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد، ورواه أبو داود في "السنن" (٦) عن محمَّد بن سليمان الأنباري عن وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد.

فظاهر الحديث يدل على أنه لا بد من تقديم الإنذار والدعاء على القتال، قال أبو سليمان الخطابي: وبهذا قال مالك بن أنس. وقال الحسن البصري، والثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق: لا حاجة إليه إذا كانوا ممن بلغتهم الدعوة، واحتج الشافعي -رضي الله عنه- بقتل ابن أبي الحقيق، وأما من لم تبلغه الدعوة فيجب إعلامه بإنذاره أولًا بلا خلاف.


(١) قطع بمقدار ثلاث كلمات.
(٢) "اختلاف الحديث" (١/ ١٣٢).
(٣) النمل: ٣٧.
(٤) التوبة: ٥.
(٥) "صحيح مسلم" (١٧٣١/ ٢، ٣).
(٦) "سنن أبي داود" (٢٦١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>