للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتارة من غير واسطة، فروى مسلم في "الصحيح" (١) عن حرملة، عن عبد الله بن وهب، عن عمر بن محمد؛ أن سالمًا (٢) حدثه عن عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الميت ليعذب ببكاء الحي".

وقولها: "إنه لم يكذب" أي: متعمدًا.

وقوله: "إنهم يبكون عليها وإنها تعذب في قبرها" أي: تعذب هي بكفرٍ لها، وهم يبكون لأغراض فاسدة ولا يدرون ما هي فيه، وأرادت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قال هكذا ففهم بعض من سمعه أنها تعذب لبكائهم فروى أن الميت يعذب ببكاء الحي.

وقوله: "جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إليَّ" يشعر بأنهم كانوا لا يبغون التفرق ويجلسون حيث انتهوا ووجدوا فراغًا.

وقول صهيب: "واأخياه واصاحباه" تصغير تعظيم، ويروى: "واأخاه" ويروى: "واحباه" والحبَّ: الحبيب، وكأنه قصد بحكاية استحضار عمر رضي الله عنه للاستشهاد لما كان بينهما من المصافاة.

وقوله: "إن الله يزيد الكافر عذابًا" فقد قال الشافعي (٣) رضي الله عنه: إن معناه أنه يزيده عذابًا بكفره إذا بكوا عليه، والمعنى عند بكاء أهله عليه.

وعن المزني قال: بلغني أنهم كانوا يوصون بالبكاء والندب والنياحة ويأمرون به، فإذا عمل بأمره جاز أن يزاد في عذابه، كما أن من أمر بطاعة فعمل بها زيد في ثوابه.

وتكلم الشافعي في الحديثين من وجه آخر. فقال (٤): حديث


(١) "صحيح مسلم" (٩٢٩).
(٢) زاد في "الأصل": لما. خطأ، وهي ليست في "صحيح مسلم".
(٣) "اختلاف الحديث" ص (٢٥٥).
(٤) "اختلاف الحديث" ص (٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>