للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجرحت من غير اختيار صاحبها فلا ضمان، وإن أرسلها صاحبها فما أتلفته بالنهار من زرع ونحوه فهو غير مضمون عليه، وما أتلفته بالليل يضمنه قضية للحديث، وأراد بالأموال: الزروع والبساتين.

وقوله: "فهو ضامن على أهلها" أي: مضمون، كقولهم: سرٌّ كاتم، أي: مكتوم، وعيشة راضية: أي: مرضية، والمعنى فيه أن العادة الغالبة أن أرباب المزارع والباستين يحفظونها نهارًا بالنواطير (١) والحفظة، وأن المواشي ترسل نهارًا ولا تترك منتشرة بالليل، ولو انعكست هذِه العادة في بعض النواحي فالظاهر انعكاس الحكم، ولو كان للبستان باب يغلق أو كان الزرع في محوط له باب فتركه صاحبه مفتوحًا فهو المضيع ولا ضمان على صاحب البهيمة على الأصح وإن أفسدت بالليل، ولو كانت المراعي متوسط للمزارع فلا يعتاد إرسال البهائم فلا رقيب، ومن أرسلها وخلاها فهو مقصر ضامن لما أفسدته بالنهار أيضًا، وحيث يجب الضمان على صاحب البهيمة فلو كان صاحب الزرع حاضرًا وقدر على تنفير البهيمة وتهاون فهو المقصر ويسقط الضمان عن صاحب الدابة.

ولم يفرق أبو حنيفة بين ما تتلف البهائم بالليل وبين ما تتلفه بالنهار، ونفى بالضمان الحالتين، والحديث حجة عليه، ولو كان صاحب الدابة معها ضمن ما تتلفه من نفس ومال سواء فيه الراكب والسائق والقائد من غير فرق بين الليل والنهار؛ لأنها تحت يده وتصرفه وعليه حفظها.


(١) النواطير: جمع ناطور وهو حافظ الكرم. "مختار الصحاح" (نظر).

<<  <  ج: ص:  >  >>