والثالث: أن نافع بن سليمان روى الحديث عن محمَّد بن أبي صالح (١/ ق ٥٦ - أ) أخي سهيل عن أبيه عن عائشة.
وقال أبو عيسى الترمذي (١): سمعت محمدًا -يعني: البخاري.
يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح، وعن علي بن المديني أنه لم يثبت حديثه عن عائشة ولا عن أبي هُرَيْرَةَ، فهذِه علل الحديث.
ولم جعل الإِمام ضامنًا؟ ذكروا فيه معاني:
أحدها: أنه يحفظ الصلاة وعدد ركعاتها للقوم، والضمان في اللغة: الرعاية والحفظ.
والثاني: أن حقه أن يعمم الدعاء ولا يخصص نفسه.
والثالث: أنه يتحمل القراءة عن المأموم في بعض الأحوال، وكذا القيام إذا أدركه في الركوع، وكذا سهو المأمومين.
وأما جعل المؤذن أمينًا فلأنه يشرف على العورات إذا أذن على موضع عال فهو مؤتمن عليها، وأيضًا فهو مؤتمن على رعاية المواقيت؛ أما إذا جوزنا الاعتماد على أذانه فلأنه إذا لم يحتط ولم يرع الوقت أوقع مقلّده في غير الصواب، وأما إذا لم نجوز فلأن كل أحد وإن اجتهد لصلاته فإنه لا يتفرغ للاجتهاد للأذان، فبتقدير أن يتقدم أذانه على الوقت يكون القوم مصلين بلا أذان.
واحتج بالحديث على أن التأذين أفضل من الإمامة، وقيل للأمين أحسن حالًا من الضمين، والدعاء بالمغفرة خير من الدعاء بالإرشاد وهذا أحد الوجهين للأصحاب، ومن يُنازع فيه لا يُسلِّم أن الأمين
(١) "جامع الترمذي" (٢١٧)، وذكر أيضًا عن أبي زرعة أن حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة.