أن يريد أنه قطع الصلاة وتنحى عن موضع صلاته واستأنفها لنفسه، لكنه غير محمول عليه فإن الفرض لا يقطع بعد الشروع فيه، ولو كان المراد ذلك لأنكر النبي - صلى الله عليه وسلم -عليه، ولكنه محمول على أنه قطع القدوة وأتمّ الصلاة لنفسه.
واحتجّ به على أن للمقتدي قطع القدوة في صلاته، وعلى هذا فالتنحي المذكور كان بحيث لا تبطل الصلاة لكثرة الأفعال.
والنواضح: التي يُسنى عليها الماء، سميت نواضح لنضحها الماء بالاستقاء ثم لصبّها، وقصد بقوله: إنا أصحاب نواضح إبداء العذر في التخلف عن مصابرة القراءة الطويلة.
وقوله:"أفتان أنت" أي تعمل عمل من يبغي الفتنة في تفويت الجماعة على الناس وتفريق الكلمة.
وفي القصة دليل على أن من صلى مرّة بالجماعة يجوز أن يعيدها في جماعة أخرى، وأن يؤم قومًا أخرى فيها، وأن الإِمام ينبغي أن يخفف، وأنه يستحب أن يقرأ في العشاء أوساط المفصل، وأن سورة البقرة كانت مرتبة معلومة النظم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١/ ق ٩٧ - ب) وكذلك سائر السور المذكورة متفرقة في الخبر، وبذلك يتبيّن أن ما نسب إلى الصحابة من تأليف القرآن ليس على معنى أنهم رتبوا الآيات وإنما المراد أنهم جمعوا السور في مصحف واحد، وزاد أبو الزبير في الإسناد الثاني تعيين السورة، وعُرض ما عيّنه على عمرو بن دينار فقال: هو هذا أو نحوه كأنه لم يتذكر السورة بعينها فأبهم الكلام إبهامًا، وعرف أن ما عيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حدّ ما رواه أبو الزبير، فقال: هو هذا أو نحوه.