للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: "وخسفت (١) الشمس" الخسوف والكسوف كل منهما يقال في الشمس والقمر جميعًا، وعن بعضهم أن الخسوف يختص بالشمس والكسوف بالقمر، ونص القرآن يبطله، وقال ثعلب: أجود الكلام: كسفت الشمس وخسف القمر (٢)، وعن الليث بن سعد أن الخسوف فيهما والكسوف في الشمس خاصة، ويقال: كسفت الشمس كسوفًا وكسفها الله كسفًا فهي كاسفة ومكسوفة وأكسفها الله، ويقال أيضًا: انكسفت، وخسف المكان أيضًا خسوفًا: ذهب في الأرض، وخسف الله بفلان الأرض، ورضي فلان بالخسف أي: بالنقيصة.

وقوله: "الشمس والقمر آيتان من آيات الله ... إلى آخره" ذكر له معنيان:

أحدهما: أن أهل الجاهلية كانوا يزعمون أن كسوف الشمس والقمر يقتضي حدوث تغيرات في العالم من موت كبير وضرر عام كما يزعم المنجمون من تأثير الكواكب، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك باطل، وأن خسوفهما آيتان يريهما خلقه ليعلموا أنهما مسخرات لله تعالى لا يقدران على الدفع عن نفسهما ولا سلطان لهما على غيرهما، وأمر بالصلاة والذكر عند خسوفهما إبطالًا لقول الجهال في عبادتهما والسجود لهما، وفزعًا إلى الله تعالى المستحق للعبادة والتعظيم.

والثاني: أنهما من الآيات التي تظهر قبيل قيام الساعة على ما قال تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)} (٣) فيخوف اللهُ تعالى بخسوفهما عباده ويذكرهم أمر الساعة؛ ليفزعوا إلى الله تعالى بالتوبة


(١) كذا، وسبق خسفت بدون الواو. وهو الصواب.
(٢) انظر "مختار الصحاح" مادة: خسف.
(٣) القيامة: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>